شعيرة الاذان بروائعها الجميلة

 

كان حُلماً ثم اضحى واقعاً انه الاذان نغمات السلام وصوت الامان فكل من يستمع الى صوت الاذان تسافر في قلبه الطمأنينة وتعشعش في وجدانه السكينة وينشرح صدره بالراحة والامان.

أكرمنا الله بهذه الشعيرة المقدسة الطاهرة انها شعيرة الاذان الذي يشعرنا بدخول وقت الصلاة الركن الثاني من اركان الاسلام فنحن ننعم على مدى خمس مرات يوميا بهذا النداء الخاشع ونستمتع بتلك الاصوات التي تتنافس على الابداع الصوتي المبهر.

في تراثنا الاسلامي متعنا الله بصوت الاذان فليس عندنا (ناقوس او جرس) كالنصارى والبوذيين والهندوس، وليس من اسلوبنا النداء (بالبارخو) او (البوق) كما فعل اليهود فالأذان لدينا نداء مخصص للصلاة.

دعا النبي صلى الله عليه وسلم اصحاب الاصوات الجميلة لرفعه فصدح به اطول الناس اعناقا يوم القيامة من ذلك التاريخ حتى اليوم يتنافسون فيه على الفضيلة ويحيون فيه ديمومة الشريعة ويوقظون به القلوب قبل الاجفان اختص به الاسلام دون الاديان.

اهتم به الناس فأضحت له مدارس واتجاهات واعتنى به الكثير حتى اضحى يشكل لهم أسمى الغايات هو رمز لحضارة الاسلام المميزة عن باقي الحضارات يرفعه اهل الابداع في الاحياء والساحات وتتألق به الحناجر الذهبية في الحضر والمفازات ويؤديه الناس في البدو والغابات فلا تكون الصلاة بدونه ولا تؤدى الفريضة الا به.

يتداوله الاجيال تلو الاجيال ويتفنن في ادائه الصغار والكبار ويترنم طربا به كل عشاق الفنون الجميلة فالأذان شعيرة الجمال ومفرداته عبقة بالجلال اعتنى بها المسلمين فطورها ليصبح للمقامات الصوتية مكان اصيل فيه

فأصبح لمقامات (الصبا والنهاوند والعجم والبيات والسيكاه والحجاز والرست) حضور قوي لدى غالب المؤذنين فهم يتقربون الى الله بتفانيهم المبدع في تجميل اصواتهم بمفردات الاذان.

فعندما تنطلق (حي على الصلاة) من حناجرهم تصل بكل الحب الى كل الافئدة وتلامس القلوب بسحرها الاخاذ فتغدوا الاجساد خفيفة نحو الصلاة فالمساجد هي جسرنا نحو الله واعلاها ترسوا مآذن البوح.

تحمل مفردات الاذان الكثير من المعاني ويحمل الناس بعدها للمساجد الكثير من الاماني فالله أكبر تعني ان الله أكبر من همومنا التي تتلاشى في حضرة كرمه.

والشهادة الاولى تعني التأكيد باننا امنا بكل تسليم وعبودية لله وحده لا شريك له اما الشهادة الثانية فهي التي نؤكد فيها ايماننا التام برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للامة كافة حتى قيام الساعة

وإذا سمعنا حي على الصلاة لبينا نداء الله الذي يريد سعادتنا وراحتنا من رهق الحياة وإذا قال المؤذن حي على الفلاح قلنا كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم (ارحنا بها يا بلال)

ففلاحنا في الحفاظ على صلاتنا فالله أكبر من اعمالنا وجميع اهتماماتنا في الحياة وبيننا وبينه هذه الصلاة التي تشكل لنا اقوى صلة بيننا وبين ربنا وما احلاها من صلة تطمئن بها قلوبنا وتقضى من خلالها حاجاتنا فكل الامور الكبيرة تنهار امام عظمة الاذان وقوة الصلاة.

نادى الناس بالأذان منذ فجر الاسلام على اعلى الاماكن في المدينة فساعدت اصواتهم العالية وصغر مساحة المدن وصول النداء لمسامع الناس ليمشوا بتؤدة وسكينة نحو المساجد العتيقة.

ليتطور الامر بعد ذلك فبنية المآذن فوق المساجد او حولها فاستغل المؤذنون ارتفاعها ليعتلوها وعلى وجوههم السعادة وأطلقوا من فوقها عبر حناجرهم الخاشعة مفردات الاذان ليصل الى الناس في داخل المدينة وفي المزارع والحقول من حولها وفي اطرافها.

وتفنن الناس قادة كانوا او من العامة في بناء المساجد والعناية بإطالة المآذن لكي يصل الصوت الى اقصى الاماكن حتى غدت المآذن تشكل عنصرا جميلا في المدن شاهدة بذلك على قوة فن العمارة الاسلامية عبر العصور.

حتى وقت قريب أكرم الله المسلمين بمكبرات الصوت التي تم تركيبها على اعلى منارات المساجد لتساهم هذه التقنية في ايصال شعيرة الاذان الى كل الاذان فتنشف المسامع خمس مرات لليوم والليلة بعبارات الاذان العبقة بجلالها والرائعة في جمالها.

كتبه/ حمد عبد العزيز الكنتي

 منارة الحرم المكي نفس طول برج الساعة الملكي | 2011-08-28 خدع… | Flickr

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله