رِثَاء الشيخ بدين رحمه الله

 

انتقل الى رحمة الله عمي بدين ولد دمه الكنتي رحمه الله والذي وافته المنية فجر الأربعاء يوم الخامس من شهر صفر عام 1447 هجرية، وتمت الصلاة عليه في المسجد النبوي الشريف، وشيعته الجموع الى مثواه الأخير في مقبرة البقيع، التي دُفن فيها بجوار الصحابة رضوان الله عليهم، وبجوار النبي صلى الله عليه وسلم، نسأل الله له الرحمة، وأن يسكنه ربي الفردوس الأعلى من الجنة.

وامتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) جاء الفقيد الشيخ بدين الى المدينة المنورة قبل عدة عقود ليتخذها مسكناً له بجوار النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كان من المشهود لهم بالمحافظة على الصلاة في مسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم.

وأصبح منزله العامر مقصداً لضيوف الرحمن من بني عمومته واقاربه وغيرهم القادمين من دول: (المغرب، وموريتانيا، والنيجر، ومالي، وليبيا، وجنوب الجزائر) الذين كان يستقبلهم رحمه الله بحفاوة بالغة، ويمكثون عنده في نعيم وكرم لا متناهي حتى يؤدوا مناسك العمرة أو الحج، ويعودوا الى بلدانهم حاملين معهم ذكريات جميلة هو محورها الدائم رحمه الله

وحينما جاء الى طيبة الطيبة أصبح فيها من وجهاء المجتمع الشنقيطي عموماً والمجتمع الكنتي خصوصاً، وكان من المؤسسين الأوائل لمجلس القبيلة الذي كان يسعى فيه مع بقية الوجهاء - رحم الله من مات منهم وأطال في عمر الباقين – فيما ينفع الناس، من دعم مادي ومعنوي بقي له عظيم الأثر في نفوسهم حتى اليوم، "فالناس شهداء الله في الأرض"، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعله ثقيلاً في ميزان حسانته يوم القيامة

وكان الفقيد رحمه الله على علاقة رائعة مع والدي عبدالعزيز الكنتي رحمه الله، وظلا على تواصل دائم مبني على المحبة والمودة، ولا أنسى تجشمه السفر والصعاب، وحضوره الى عزاء والدي في مكة المكرمة قبل 21 عام، ومشاركتنا حُزننا الكبير آنذاك على رحيل أبي رحمه الله

لقد قدم الفقيد الى المملكة قبل عدة عقود زمنية مباركة، فبنى أمجاد عائلته، واهتم برعاية شقيقته وابناءها، وسعى في تربية ابناءه وبناته، وشمل عطفه أحفاده وحفيداته، ووسَّع دائرة اهتماماته في مساعدة المجاورات، والوقوف مع صاحب الحاجة حتى يتحقق له المأمول.. نسأل الله أن يكتب له عظيم الأجر، ويرحمه برحمته الواسعة.

وكان الفقيد على مسافة واحدة من الجميع، فرغم أنني كنت في عمر ابناءه إلا أنني حظيت في العشرين سنة الماضية بزيارته في منزله عدة مرات، وكان يستقبلني كما يستقبل اصدقائه، ويتحدث معي بلطف ابوي، ويكرمني بفضله الوافر، وكنت اذا صادفت وجود احد اصدقائه معه كان يحدثه بكل فخر عن ابي بشكل تفصيلي جميل عليهما جميعاً رحمة الله

وقد تلقى رحمه الله خبر وفاة ابنه البكر محمد قبل حوالي 15 عام تقريباً بصبر جميل، ورضا كبير بما قسمه الله، وكنت أراه آنذاك في أيام العزاء صابراً مُحتبساً، أسال الله سبحانه وتعالى أن يتغمدهم جميعاً بواسع رحمته، ويسكنهم فسيح جناته

وتوالت عليه رحمه الله رحلة الفقد حينما توفي قبل سنوات اخوه الشيخ حمادي رحمه الله، وتوفي بعض اخوانه من وجهاء القبيلة مثل: الشيخ بيلا الفردي، والشيخ سيد احمد ولد اباتي، والدكتور أحمد فال، والشيخ حمادي، والشيخ جوم، وغيرهم من أهل الفضل والكرم الذين رفعوا رؤوسنا بأفعالهم الطيّبة، وخصالهم النبيلة عليهم جميعاً رحمة الله

ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمهم جميعاً، وأن يبارك في ذريتهم ليكونوا "خير خلف لخير سلف"، وان يجعلنا نسير على خطاهم فيما ينفع الناس ويمكث في الأرض، من تعزيز صلة الأرحام، وتعميق التكافل الاجتماعي، فنحن أولاً وأخيراً سنبقى دائماً (عائلة واحدة).

كتبه/ حمد عبد العزيز الكنتي



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محطات من حياة الوجيه والأكاديمي الدكتور أحمد فال الكنتي رحمه الله

محطات من حياة الفقيد محمد محمود الهاشمي رحمه الله

محطات من حياة أبي عبدالعزيز الكنتي رحمه الله