المشاركات

عرض المشاركات من 2021

غواية الحيرة والضياع!

صورة
منذ الأزل وقفنا أمام العديد من الأبواب التي كانت تتفاوت بين السماح والمنع! ثم استمرت مع الأيام تُفتح أكثر فأكثر، حتى ضاقت أطراف الكرة الأرضية، وتقاربت مسافاتها شيئاً فشيئاً حتى أصبح العالم قرية صغيرة، جعلت دائرة القرارات تضيق من الجمع الى الفرد، وتُختصر من الجماعة الى الانسان الذي أصبح يعيش وحيداً في زحمة العوالم التي يراها في كل لحظة! والتي تبني فيه صوراً ذهنية وتهدم أخرى في ذات الوقت! وترسم له البهجة تارة، وتارة أخرى تُغرقه في بحار الحيرة خصوصاً عندما يدلف الى ساحة صراع الشهوة والشبهة، فيدخل في معارك مع نفسه يحتاج الى وقت لكي يفك شفرات أسرارها! ويُشبع فُضوله من خفايا هذا العالم! وحينما يُكشف عنه غِطاء الأسئلة، وينقشع عنه ضَباب التساؤلات يجد نفسه في قفص التحديات التي تظهر في اختبارات كبح جِماح غرائزه، والتي عليه أن يضغط فيها زر إيقاف أهوائه -التي تقول له: لا تنفُر في الحر!-  إن أراد الحصول على الهدايا لاحقاً. وإذا آمن عرف بأن أي خطوة نحو الغواية الخاطئة ستجعله يتقهقر ملايين الخطوات في آخر الحياة، وستسبب له بفقد الكثير من الهبات والمُميزات المادية والمعنوية، وكلما تمادى في الجُرأ

الخير الذي يَغمُرك

صورة
من الطبيعي أن يتأثر البشر بالتقلُبات الاقتصادية كالبطالة وارتفاع الأسعار ومتطلبات الحياة، ولكن من غير الطبيعي أن يفتحوا للتشاؤم قلوبهم! ويتركوا أبواب شخصياتهم ونوافذ ذواتهم مُشرعة أمام ضبابية النظرة السوداء للحياة! لو فكر كل واحد منا بالخير الوفير الذي يغمره والعوالم التي تعمل بانسجام في عمق أعماق جسده دون أمر منه سواء كان ذلك أثناء يقظته أو منامه لما تشاءم ولو لدقيقة واحدة. فمن المفترض أن الكرم الذي أغدقه به ربه - وهو في بطن أمه، ثم توالت عناية الله تغشاه في طفولته رزقاً ولطفاً وتسخيراً وعناية حتى كبُر وألطاف الله تترى عليه- يجعله يُغلق نوافذ التشاؤم ويفتح أبواب التفاؤل على مصراعيها. هذا وأمثاله يدخل لهم الشيطان من مليون مدخل! ومنها: الخوف من الصدمة، والنظر لما في أيدي الآخرين، والكسل عن القيام بأي شيء! وغيرها من المُعتقدات التي يظن صاحبها أنه فتح أبواب الغيب وعرف مصيره فيظل مُتقوقعاً في الدرك الأسفل من عوالم لا تمُتّ للحياة بشيء. قبل أن تتشاءم تذكر الخير الذي يغمرك، تحسس نبضات قلبك، راقب انفاسك وهي تتغلغل في أعماقك، تخيّل الدم وهو ينتشر في كل أرجائك دون أمر منك، تفكر في أعضاء

الفن التائِه في الملامح

صورة
تُسافر بنا الفنون نحو آفاق لا تنتهي، وتُمسك بالجانب الضائع فينا لتأخذنا الى عوالمها البهيجة مساهمة بذلك في إعادة تشكيل الجوانب المبعثرة في أعماقنا.. ولذلك نتسمر واقفين أمام روادها لبرهة من الزمن نشعر فيها بالوحدة رغم زحمة المكان.. نصمت.. ونترك ملامحنا وملامحهم تتحدث رغم الصخب الذي يُحيط بنا وبهم. هي عندما ترسم لم تعد في المكان! وهو عندما يعزف على العود لم يعد هنا! وهذا عندما يشرع في إلقاء قصائده فقد فرقنا المكان! وذاك عندما ينكب على دفتره ليكتب لم يصبح معنا في المكان! بالفعل وبمجرد أن ينطلق رواد ورائدات الإبداع في رسوماتهم وعزفهم وكتاباتهم فهم حتماً قد غادروا الواقع الحي نحو عالم الخيال وسافروا عن عالم الوعي الى عوالم التجلي، ومضوا من اللحظة الحقيقية الى عوالم الإلهام التي تغيب عنهم فيها الأصوات لتغدوا ملامحهم مختلفة، وتبدوا عيونهم شاخصة يحدقون بها بعيداً نحو متعة الحياة. يدغدغك العازف بمعزوفة تدهش كل شيء فيك، وعندما تنظر اليه تراه يسكن في باحة التركيز ولا ينظر إليك، بل إنك سترى تعددية المشاعر تظهر تباعاً على وجهه، وعندما تتمعن أكثر في ملامحه ستجد ان هذا الذي كان في حالته الطبيعي

ألف موعد!

صورة
بعضنا يمكنه الانشغال بأيّ شيء يبعده عن ذاته فيتابع الأخبار على مدار الساعة وكأنه سياسي محنك! وينشغل بجميع قضايا الخلق وكأنه وصيّ على البشرية! ويهتم بأخبار القريب والغريب القاصي والداني ويتحدث عن أخطاء الآخرين الى آخر تلك التصرفات التي تجعله أبعد ما يكون من نفسه. نحتاج أن نعرف بأننا بشر محدودين بحواسنا أياً كان عددها، ومرتبطين بوقت محدد بأربع وعشرين ساعة في اليوم والليلة، وهذا يعني بأن قُدراتنا محدودة ولسنا مسؤولين عن تغيير العالم، وبناء عليه فإن علينا النظر لما في أيدينا والعمل به وعليه.. وليس الانسحاب والركض خلف عوالم لا تُضيف لواقعنا أي مزيّة بل إنها تسحب طاقاتنا وتضيع أوقاتنا. فالانهماك في قضايا العالم التي لا نستطيع ان نُغير فيها شيء يستهلكنا، والحل عندنا بالعودة لذواتنا التي تحتاج منا الكثير من العمل والتطوير، فلو عاد كل منا الى صوابه وتأمل نفسه لوجد أن الأيام والليالي لا تكفيه في العمل على تطوير قدراته، وتحسين مهاراته، وانعاش علاقته، وترتيب أولوياته، وتحديد أهدافه، ورسم غاياته، وغيرها من المهام العاجلة وغير العاجلة التي يتطلبها واقعه إن أراد أن يصل الى حيث يجب أن يكون. وكلم

الأنثى التي نُريد! #حمد_الكنتي

صورة
في فترة الشباب يتطلع الكثير من الشباب والبنات الى التعارف على عوالمهم المختلفة وبدون أي فلترة في الاختيار! فتجدهم يسيرون بسرعة عالية نحو السباق الفضولي الذي يتطلعون فيه الى فك شفرات بعضهم البعض، ويتربصون فيه الى لحظة الاقتراب أكثر فأكثر! بدون وعي منهم لمخاطر كل ذلك. فمنذ أن تتفجر فيهم طاقة الحياة، ويتحولون من أطفال الى شباب وبنات يشرعون في التعامل مع أسرار ومفاجآت الجسد وأسئلة الفكر وتطلعات غرائز الرغبة، وغيرها من اللحظات الجديدة التي تغشى حياتهم، وتجعلهم يحاولون استعراض أجسادهم أمام الجنس الآخر ظناً منهم أن جمال الجسد والشكل هو أهم مفتاح للوصول. ولكن كلما كبروا في العمر كلما ضاقت دائرة الأنثى التي يريدون بسبب نقاط التفتيش التي تضعها الحياة في طريقهم، والموانع التي يضعها أهاليهم أمامهم! ليتفاجؤوا حينها  بأن الأمر لا يتعلق بتعارف أنثى أو ذكر بقدر ما يرتبط بمفاتيح أخرى مثل: "النسب، والجهة، واللون، والمستوى المادي، والعمر، ووجود تجربة سابقة من عدمها" وغيرها من العراقيل التي لا تنتهي! والتي غالباً تُصيب الشباب والبنات بصدمة تجعلهم يُعيدون النظر في مستقبل الارتباط. نعرف جميع

تنتهي المنافسة ينتهي الصراع!

صورة
  تزداد نار المنافسة كل يوم بين الكثير من الناس في الكثير من المجالات، فكل مجموعة تتقوقع في أي مكان ستنشأ بينهم منافسة سواء كانت شريفة أو وضيعة.. وترتكز هذه المنافسة على الرغبة في تحقيق المعنى عند أصحابها، والوصول الى مستويات أعلى، وتحقيق أرباح مادية أكثر، وغيرها من الغايات التي لا تنتهي. وتقف إيجابية هذه المنافسة أو سلبيتها على هل كونها خرجت من عقلية الندرة التي يعتقد صاحبها بأن العالم خالٍ من الفرص! ضيّق الخيارات! وبالتالي فإنه إذا لم يحصل على ما يريد سيفوته القطار، وستضيع عليه الفرص.. ولكي يعيش يجب أن يموت الاخرين! أو يذهبوا الى أماكن بعيدة عنه! أو على العكس تماماً كأن تخرج من عقلية الوفرة التي يرى صاحبها بأن العالم مليء بالفرص التي لا تنتهي، وأن القمة تسع للجميع، وأن الخيارات واسعة، وأن رزق الله يفيض على الكون أضعافاً مضاعفة، وحصة كل شخص من عطايا الله مضمونة، فلا أحد سيقطع رزق أحد، ففضل الله يعم الجميع.. ومن يفكر بهذا التفكير سيتعاون مع الجميع، وسيقدم للكل ما يستطيع من خدمات تعود بالنفع على الجميع. وتعرفهم من كلماتهم وأفعالهم فتجد أن صاحب عقلية الندرة يُكرر كلمات مثل: (لا تعط

ثمانية التي رأيت #حمد_الكنتي

صورة
  أكرمني الله بمتابعة قناة ثمانية تقريبًا منذ نشأتها قبل عدة سنوات، ولقد لفتتني هذه القناة المُتميزة "بإذاعتها" ذات الخط الصحافي المختلف، "وبفنجانها" الثقافي المدهش الممتع، "وبسوالفها" الاقتصادية التي تستشرف فيها المستقبل، "وبسقراطها" الذي يبحث مُتفحصاً خلف مشاريع رؤية المملكة 2030، وبأفلام "أرباع" التي أكملت مسيرة ثمانية الوثائِقية، والتي سبقت القناة فيها العصر (ببودكاست) أصوات الممتع، اضافة الى برنامجي "المحور الثاني" و"تماس". وغير ذلك من البرامج والتقارير الصوتية والمرئية والمشاهدة والمقروءة التي طرقت غالب المجالات التي يهتم الشعب السعودي والعربي بها، والتي بالتأكيد يقف خلفها فريق عمل على قِلة عدده إلا انه يقوم بأعمال جبارة يشهد عليها العالم العربي من المحيط الى الخليج، ويستمتع بمتابعتها الكبار والصغار، ويشاهدها بكل شغف النخبة والعامة، ويفهمها ذوو الثقافة والدهماء. لقد اتخذت قناة ثمانية خطًا تحريرًا مُختلفًا من خلال استضافة الضيوف المجهولين قبل المعروفين فلم يكن همها أن تنال أعلى أرقام المشاهدة في يوتيوب، ولم

عندما لا تَرضَى عن نفسك!

صورة
  حينما تتشابه أيامك، ويتساوى عندك الليل والنهار، وتمضي أوقاتك سُدى تقفز فيها من تطبيق لآخر، وتتنقل فيها من قناة الى أخرى! ولا تعرف الهدف من تصرفاتك! يمضي يومك مثل أمسك، وتصبغ الرتابة لونها الممل على أيامك المنسية ولياليك المخفية! وتغسلك البعثرة والشتات والحيرة، وتنشر بقاياك على حائط النسيان! تحاول حينها قذف كرة المسؤولية في ملاعب الآخرين! وتحاول التنصل من واقعك الذي تعيش فيه سُباتاً مُخيفاً تستجدي في سعيك التائه مثالية زائفة لا تُمثل حقيقتك المبعثرة.. وتركن لراحتك المخادعة هارباً من ضميرك، وشارداً الى عوالم أخرى تنشد فيها الخلاص من واقعك وتجميله بصور براقة! أنت تعرف بينك وبين نفسك أنك غير راضي عن نفسك، وغير راضي عن تلك البعثرة التي تكاد أن تعصف بك.. وتعرف تمام اليقين أنك تسكن في الوهم المريح بينما عليك مواجهة الحقيقة المُرة التي تؤكد لك بأنك قد غبت عن سجل تحضير الحياة، وتهت عن كرسي الوعي في الكون! ونسيت الدور الذي كان يجدُر بك القيام به على مسرح الحياة. فأحذر أن تُسرق منك طاقة شبابك لتبقى خلف الطريق بعيداً عن قوافل الغد التي مدت لك الحياة فيها اشرعتها فتتركها ومضيت بعيدا نحو عال

زهور الكلمات وعطر العبارات

صورة
  في حياتنا يوجد هنالك مبدعون يشقون طريقهم نحو التألق والسمو.. يكتبون الشعر والقصيد.. يرسمون الرسم الفريد.. ويصدحون بالقول المجيد.. ورغم جهودهم الكبيرة مبتدئين كانوا أو خبراء لا يريدون سوى القليل من التشجيع، وبعض النقد البناء الذي يساعدهم في مسيرتهم الإبداعية المدهشة. ولذلك لا نتعجب إذا رأينا مبدعاً وجه الشكر بعد أن وصل الى القمة الى كل من سانده في بداياته الفنية او الشعرية أو غير ذلك من الفنون التي يحتاج المبتدئ فيها على وجه الخصوص للتشجيع والدعم والتوجيه، لأن البدايات دائما صعبة، "والتشجيع ثُلث المساعدة" كما قال المثل الايطالي. صحيح أننا نعلم تلك الحكمة التي تقول: «لا يخلو المرء من ودود يمدح وعدو يقدح»، ولكن عند الذم نحتاج ان نتذكر قول النبي صلى الله عليه سلم «قل خيراً أو أصمت» فنبتعد عن النظرة السوداوية التي يبحث أصحابها عن النقاط السوداء في الثوب الابيض! وأن نبذر بذور الكلمات الايجابية في قلوب الناس كما يقول مالك بن نبي: (ابذر بذورك فسيأتي المطر وينبت الزرع).. وصدقوا حينما قالوا: "هنالك كلمات هي أشد وقعاً وفتكاً من السيوف". وكلنا نعرف أن الكلام الجميل ليس

المشاعر مفتاح الحياة

صورة
  لو قررنا الدخول في عمق أعماق الانسان لوجدنا في داخله عوالم معقدة من المشاعر المتداخلة والمرتبطة بالهالات التي تسير معه في كل مكان لتساهم في صناعة ذاته المليئة بالصراعات والتقلُبات. وكلما حفرنا أكثر في ذات الانسان لوجدنا العجب العُجاب الذي مفتاحه يكمن في المشاعر التي يمكن أن تجعل الشخص يمتلئ بالطاقة الهائلة وينفذ في المستحيل.. ويُمكنها أيضاً في ذات الوقت أن تجعله كومة لحم جامدة ماتت قبل أن تموت! وتتقلب مشاعر الانسان بحسب المواقف والأحوال التي يعرفها وغالبا! يجهلها! فقد يضحك لطرفة في بيئة معينة وقد لا يضحك من ذات الطرفة في بيئة أخرى! وقد يتقبل من شخص بعض الأفعال الصعبة ولا يتقبل من ذات الشخص أشياء أسهل من ذلك! وقد يرتاح لشخص لا يعرفه، وقد ينكمش أحياناً من شخص يعرفه! وقد يبوح الانسان لغريب، ويصد عن قريب! وهكذا دواليك تكثر الأمثلة على تقلبات تصرفات الانسان وردة فعله التي ترتبط غالباً بمشاعره تجاه أصحابها، ولذلك فإن المسؤولين عن ادارة الأعمال يحرصون على تهيئة الكثير من الأجواء ذات المشاعر الايجابية بين فريق العمل لتزيد الانتاجية، وذات الأمر ينطبق على جميع الفرق في مجالات التعليم وال

عندما نُبصر في الظلام!

صورة
  في اللحظة التي تبدأ تخرقك الثقوب، في اللحظات التي تتواصل فيها انكساراتك، وتنكسر فيها مجاديفك، وتُرهقك تقلبات الدنيا وتقذفك في أودية الترنح والتيه والبعثرة والتمحيص! عندها فقط تكون قد وقفت عند باب البصيرة، لترى ما لا يُرى، وتلمح فيما خلف الحُجب من ألطاف خفية ومرايا عكسية تجعلك في قلب المواجهة مع أخطاءك المعروفة والمجهولة، وخطاياك الحاضرة في ذهنك والمنسية.. وحينها يُمكننا القول أنك قد بدأت تسير في الطريق الصحيح. عندما يتكبر الانسان، ويتعاظم زيفه، ويمشي مكباً على وجهه، ويضل سعيه وهو يظن انه قد أحسن صنعاً، ويتجذّر الران على قلبه، وتسكن الغفلة في فؤاده! تلتقطه الصعوبات من حيث لا يدري، فيضل طريق الراحة، ويتوه عن دروبه التي يعرفها، وتنخر العقوبات في جسده ونفسه وعقله وقلبه، ويبدأ في رحلة التقهقر التي تغافل سابقاً عن تنبيهاتها واشاراتها! ليسقط في الوحل، ويبحث عن النجاة. وحينها يمكنه فقط الشروع في رحلة البحث عن الأسباب، فيتفحص نفسه المكلومة، ويمعن النظر في جسده المرهق، ويتأمل في افعاله المشؤومة، وينظر فيما جنت يداه من خطايا مجنونة، منهجه في ذلك قول الرومي: (كن كالثلج الذائب طهر نفسك من نفس

روحه حلوة

صورة
  يُحب الناس بشكل عام الشخص صاحب الروح الجميلة والطلة البهية، الشخص الذي إذا حضر لمجلس غادر الحزن الذي كان فيه، وإذا جاء الى أي مكان اصطحب معه السعادة، يمضي هنا وهناك ترافقه هالات الفرح، وتصاحبه طاقات المرح التي ينثرها بكل الحب على الجميع. ولأن النفوس جُبلت على من يُحسن عليها فإنها أيضا تحب -وهذا من الاحسان- من يدخل السرور والبهجة عليها فالفظ لا مكان له عند الناس، وثقيل الدم يهرب منه الجميع، والعبوس يبقى وحيداً، والمتجهم يخافه الكثير، والمتشائم يفر من أحاديثه البشر، والسلبي يبقى في الأخير لا يعبأ به أحد. والذي علينا قوله إن الروح الحلوة لا تأتي بالتصنع والفراغ، وإنما تخرج من القلوب النقية الصافية البهية، تلك القلوب التي هيأها أصحابها للعطاء الروحي فسكنها السلام الداخلي، تلك القلوب التي وهبها الله وهجاً تَرى انعكاساته شغفاً في عيون الناس، وتَلمح نتائجه في بسماتهم الصادقة. هؤلاء إذا دخلوا الى مجلس لم يستأذن أحد، وإذا حضروا الى مكان تجمهر حولهم الكثير، وإذا تحدثوا أنصت الكل، وإذا تحاوروا آنسوا وأفرحوا وأسعدوا.. يتمنى الكل مجاورتهم، ويتطلع الجميع الى مجالستهم. فطاقتهم الإيجابية تدخ

الفراغ المُرعب!

صورة
  ينخرط الناس في روتين الحياة الذي يبدأ ولا ينتهي، حيث تسكنهم الدوامة التي تمضي بزهرة أعمارهم وهم يركضون مع عجلة الحياة في لُهاث متواصل من أجل تحقيق شيء من معانيهم المتعددة في الحياة. ويظل الجري خلف الدنيا وملذاتها يأخذ منهم شيئاً فشيئاً الكثير والكثير من صحتهم وملامحهم وأجسادهم، ولا يشعرون بذلك أو يتجاهلونه! حتى تظهر لهم الكثير من المفاجئات عندما يحتفلون بتخرج أبنائهم وبناتهم فيتساءلون في حيرة: متى مرت كل هذه السنين، وكيف مضت هذه الأعوام؟ عندها فقط يُقدم لهم "الفراغ المرعب" نفسه ليذكرهم بالكثير من الفترات التي مر عليهم فيها ولم ينتبهوا له! وذلك عندما تعينوا في مدينة نائية، أو عندما توظف اصدقائهم في مدن بعيدة! وغيرها من مراحل ظهوره المتعددة التي سنحت لهم فيها الكثير من الفرص التي يمكنها مساعدتهم في محاربة حضوره الحتمي لاحقاً. ويا لصوت الألم الكامن في قلوبهم وهم يحضرون حفلات زفاف أبنائهم وبناتهم ويحاولون ألا تسقط دموعهم! هم يحاولون حينها التماسك، وتبكي قلوبهم ليس كُرها لأبنائهم وإنما لشعورهم بالفقد إذّ سيقضون بقية حياتهم يحتسون القهوة مع "الفراغ المرعب"، ويناقش

قبل الكتابة

صورة
  تشغل بال الكاتب والكاتبة الكثير من الرؤى والأفكار التي يطمحون دائماً وأبداً الى تحويلها الى كتابات -أياً كان مجالها- يستمتع بها القُراء في مقالات أو قصص وقصائد وروايات، أو يرونها في البرامج والافلام والمسلسلات. وفي لحظات دهشتهم وقمة انبهارهم قد يتساءل الكثير كيف كتب الشاعر هذه القصيدة، وكيف ألف ذلك روايته، وكيف صاغ فلان تلك القصة، وكيف حبك الكاتب الفلاني ذلك السيناريو المدهش؟ وهكذا تتوالى الأسئلة التي يبحث فيها الكثير عن شيء من خفايا عالم الكتابة المليء بالتحولات والتجليات التي تُغرقنا في بحار الدهشة، لتجعل الكُتاب أنفسهم يتساءلون في غالب الوقت عن الكيفية التي كتبوا بهذا هذا النص، أو ذلك المُنتج الادبي الفاخر؟ الحديث عن ما خلف كواليس الكتابة هو حديث ممتع للمتحدث والمتلقي، ففي طقوسها الكثير الذي يمكن الحديث عنه، وفي جنونها الكثير من الخبايا التي تستحق أن تظهر على السطح.. فيمكن للكتاب أن يشعر بإلهامها قبل نزولها، ويمكن للكاتبة أن تشعر بأوانها قبل التدفق بفترة.. وحينها فقط يمكننا أن نجلس بجوار مائدة الابداع وننتظر قدوم الدهشة. الكاتب في بحث حثيث ودائم عن التقاط الفكرة تلك التي يمك

طمأنينتنا المفقودة!

صورة
  قالوا سابقاً: (الكُل في سباق للظفر باللحظة) ولكن واقع اليوم يقول: (الكثير في سباق للهروب من اللحظة) فنجدنا نركض هنا وهناك بلا وعي للحاضر الذي نحن فيه، نركض خلف ما نعرف وما لا نعرف! ونجري خلف دوامة الروتين، وننشغل بالتفكير في الغد أكثر من الحاضر الذي بالرغم أننا نخشى فقدانه إلا أننا لا نعبأ بالساعة الصامتة، ولا نستمتع باللحظة الحاضرة! لا تعرف لنا الطمأنينة طريقاً لأن قلوبنا مستنفرة في اتجاهات شتى، ووجهنا موزّعة في غاياتنا المختلفة، وذواتنا مقسمة في أماكننا المتعددة! نأخذ شظايانا المشتتة ونرميها في النار التي تسكننا لتستعر أكثر فأكثر، وحينها نكون قد وقفنا على صفيح ساخن يشكل واقع رغم أنه يعرفنا إلا أننا لا نعرفه لأننا نمضي بسرعة عالية، ولا يعرف الهدوء لنا طريق تستهلكنا الأيام دونما أي شعور، وحينها نتنهد ونتساءل عن سر مضي السنوات السريعة. نحن نحتاج الى الطمأنينة التي تجعلنا نهدأ، وننظر الى ما تحت أقدامنا، ونعيش جميع لحظاتنا بقوة الان التي تساعدنا على استجماع قوانا، ولملمة أوراقنا، ومحاصرة بعثرتنا، والمضي قُدماً بكل ثقة نحو الدخول في عُمق اللحظة.. فالماضي عرفناه ولكنه مضى، والمستقبل ق

جوالك ليس سنترال!

صورة
  الكثير من الناس لا يعرف أن جواله اشتراه لراحته وليس لراحة الآخرين! فتجد بأن جميع تنبيهاته فعالة! وترى بأن جواله لا يعرف الصمت! ولذلك تراه مضطرب طوال الوقت! ومشغول مع كل تنبيه يجعله يُمسك به في كل لحظة! ولا يكتفي بذلك إذّ يصل الأمر به الى أن يرد على الهاتف طوال اليوم والليلة! فيمكنه أن يرد حتى في وسط انشغالاته! ويمكنه أن يرد حتى في الاوقات التي لا ينبغي له فيها مثل: أثناء الصلاة أو التواجد في المسجد وفي صالة الانتظار الهادئة! أو حتى أثناء ذهابه الى الاماكن الخاصة! ويمكن أن يتجاوز الأمر الى مراحل أصعب كأن يوقظه الجوال من سابع نوم! والكارثة أن يكون هذا الاتصال بالخطأ! وقد تعكر بعض التنبيهات مزاجه أثناء اجتماع مهم في العمل، وقد يُحرجه صوت جواله العالي في المسجد! وقد تُخرجه بعض الرسائل عن جو العمل، وقد تسبب له بعض الاستجابات لبعض الاتصالات إحراج أو مشكلة معينة، لأنه يكون حينها قد رد وهو مشّوش التفكير! هذا وأمثاله يحتاجوا الى أن يعرفوا أن جوالاتهم صُنعت لراحتهم وليست لراحة الاخرين، وعليهم أن يعوا أن كثير مما يرد فيها من تنبيهات وتطبيقات ومكالمات خالٍ من الأهمية، ولا يضيف لهم سوى مزيد