ألف موعد!

بعضنا يمكنه الانشغال بأيّ شيء يبعده عن ذاته فيتابع الأخبار على مدار الساعة وكأنه سياسي محنك! وينشغل بجميع قضايا الخلق وكأنه وصيّ على البشرية! ويهتم بأخبار القريب والغريب القاصي والداني ويتحدث عن أخطاء الآخرين الى آخر تلك التصرفات التي تجعله أبعد ما يكون من نفسه.

نحتاج أن نعرف بأننا بشر محدودين بحواسنا أياً كان عددها، ومرتبطين بوقت محدد بأربع وعشرين ساعة في اليوم والليلة، وهذا يعني بأن قُدراتنا محدودة ولسنا مسؤولين عن تغيير العالم، وبناء عليه فإن علينا النظر لما في أيدينا والعمل به وعليه.. وليس الانسحاب والركض خلف عوالم لا تُضيف لواقعنا أي مزيّة بل إنها تسحب طاقاتنا وتضيع أوقاتنا.

فالانهماك في قضايا العالم التي لا نستطيع ان نُغير فيها شيء يستهلكنا، والحل عندنا بالعودة لذواتنا التي تحتاج منا الكثير من العمل والتطوير، فلو عاد كل منا الى صوابه وتأمل نفسه لوجد أن الأيام والليالي لا تكفيه في العمل على تطوير قدراته، وتحسين مهاراته، وانعاش علاقته، وترتيب أولوياته، وتحديد أهدافه، ورسم غاياته، وغيرها من المهام العاجلة وغير العاجلة التي يتطلبها واقعه إن أراد أن يصل الى حيث يجب أن يكون.

وكلما خففنا من الصخب الخارجي واللُهاث خلف أشياء لا تعنينا كلما شعرنا بالسلام الداخلي، وكلما ترتبت حياتنا بشكل أفضل، لأننا حينها سنكون قد وجهنا جميع طاقاتنا وأوقاتنا في خدمة ذواتنا تحقيقاً لقول أحدهم: (لي مع نفسي ألف موعد).

ففي حياتنا كما يقول أهل تنمية الذات توجد دوائر للهموم والتأثير "فالهموم" هي التي لا نستطيع أن نُقدم فيها ولا نُؤخر فهذه نتركها لأهلها.

"والتأثير" هي المساحات التي تخصنا، ونستطيع أن نتخذ فيها قرارات، ونمضي فيها خطوات فهذه التي علينا التركيز عليها، ووضع موارد "الوقت والجهد والمال" في بنائها وتطويرها.


حكمة المقال


نحتاج كثيراً إلى التركيز في هذا العالم المتسارع لكي يزداد وعينا بحاجاتنا وأهدافنا وغاياتنا.. ونغوص في رحلة التعرف على ذواتنا والتنعم حينها بالكثير من السلام الداخلي والثبات الذاتي أمام تقلبات الحياة.


حمد الكنتي



 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله