عندما لا تَرضَى عن نفسك!

 

حينما تتشابه أيامك، ويتساوى عندك الليل والنهار، وتمضي أوقاتك سُدى تقفز فيها من تطبيق لآخر، وتتنقل فيها من قناة الى أخرى! ولا تعرف الهدف من تصرفاتك! يمضي يومك مثل أمسك، وتصبغ الرتابة لونها الممل على أيامك المنسية ولياليك المخفية! وتغسلك البعثرة والشتات والحيرة، وتنشر بقاياك على حائط النسيان!

تحاول حينها قذف كرة المسؤولية في ملاعب الآخرين! وتحاول التنصل من واقعك الذي تعيش فيه سُباتاً مُخيفاً تستجدي في سعيك التائه مثالية زائفة لا تُمثل حقيقتك المبعثرة.. وتركن لراحتك المخادعة هارباً من ضميرك، وشارداً الى عوالم أخرى تنشد فيها الخلاص من واقعك وتجميله بصور براقة!

أنت تعرف بينك وبين نفسك أنك غير راضي عن نفسك، وغير راضي عن تلك البعثرة التي تكاد أن تعصف بك.. وتعرف تمام اليقين أنك تسكن في الوهم المريح بينما عليك مواجهة الحقيقة المُرة التي تؤكد لك بأنك قد غبت عن سجل تحضير الحياة، وتهت عن كرسي الوعي في الكون! ونسيت الدور الذي كان يجدُر بك القيام به على مسرح الحياة.

فأحذر أن تُسرق منك طاقة شبابك لتبقى خلف الطريق بعيداً عن قوافل الغد التي مدت لك الحياة فيها اشرعتها فتتركها ومضيت بعيدا نحو عالمك الخاص الذي عجزت فيه عن اتخاذ أي قرار كنت تستطيع من خلاله استعادة ذاتك المفقودة في زحمة البعثرة.

وبعد كل هذه الكلمات المُرعبة يُمكنك العودة مجدداً متى ما آمنت بربك وذاتك، ومتى ما غيرت نفسك، وأحييّت الميت فيك، ووصلت الى الضائع منك، حينها يمكنك لملمة أوراقك، واعادة ترتيب أحوالك لكي تمضي نحو تحقيق أسمى معانيك في هذه الحياة الواسعة، والتي تحتاج حتماً الى روحك الجميلة.


حكمة المقال


خير من يُخبرنا عن حكمة هذا المقال هو الشاعر محمد عبد الباري الذي قال في أحدث دواوينه:

قاوِمْ ضبابَ الرُّوحِ فيكَ ... وقُلْ لهُ لا بدّ عنّي الآنَ أنْ تَتقشَّعَا

قشِّرْ تجاعيدَ النهارِ لِيزدهي وجهًا ... وحكَّ الليلَ حتى يَلمعَا

وأَزِلْ حدودكَ عَنْ حدودكَ ... كُنْ هوًى في مُمكنٍ لِلمستحيلِ تطلَّعَا

فيما يخصُ شخوصكَ العشرينَ ... دعْ منها المفاجئِ يَطردُ المتوقَّعَا




 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله