عندما تقول وداعاً


تمضي بنا عجلة الحياة هنا وهناك تتغير فيها الاحوال وتتنوع فيها الاعمال وتتجلى فيها الآمال وتنتهي فيها الآجال نبدأ مرحلة وتنتهي نأخذ خطوات وتنقضي نمضي في أمور حتى ننهيها ونسير في طرق حتى ننجزها.. فما بين البدايات والنهايات نحقق المطلوب منا او على الاقل نكسب شرف التجربة والمحاولة فالعالم ليس جامدا والحركة ضرورة في بناء الكون.

ولإننا نحب الحركة ولا نعرف السكون ونعشق الخطوة ونكره التوقف تجدنا قلنا وداعا في مرات كثيرة فكم من عمل قلنا فيه وداعا وكم من شركة احتفلنا بتركها وكم من وظيفة عايشنا فيها لحظات الوداع في اخر يوم نداوم فيها.

وكم من مدينة ودعناها رغم حبنا لها وكم من حي تركناه وبقيت ذكرياته تسكننا وكم من منزل ودعناه وبقي عالق في الذاكرة.

وكم من صديق عزيز ودعناه بسبب ظروف الحياة وكم من أهل واحباب سرقهم منا الموت دون ان نقول لهم وداعا.

اتذكر خصوصا عندما اهم بالبحث عن فرصة عمل جديدة جميع الاعمال التي شغلتها سابقا حيث يمر بي شريط الذاكرة خصوصا لحظات الوداع اتذكر شعور اخر يوم عمل في الشركة شعور يتردد بين جمال النهاية وبين اسئلة البدايات القادمة والتي من واقع تجربتي كلها كانت غامضة قبل ان يكشفها الزمن لاحقا وكانت جميع الاكتشافات ممتعة.

وانت تودع الاخرين تشعر بان قطعة منك بقيت في المكان تشعر بان جزء منك ضل الطريق تشعر بان نار التية اصابك قبس منها او ان الحيرة تحتسي قهوتها المرة معك.

 تكاد وانت تستعرض لحظات الوداع في جميع مراحل حياتك تشعر بانك تبحث عن اجزائك تحاول ترميم بعضك فكل وداع ترك فيك ثقب صغير وكل نهاية تركت فيك ندوب صغيرة

وانت بين هذا وذاك تبحث عن الاجزاء المتطايرة للوحة البزل الخاصة بحياتك وكأنك قسمت الى اوصال صغيرة او ربما خلايا لا ترى بالعين المجردة لتصبح اوسع من ان يحتويك مكان او ان تغطيك مساحة

والخطورة في الامر الا تتحول اجزاءك التائهة في المدى الى شظايا تحولها الرياح الى جحيم يعصف بك او يحولها الطقس الهادئ الى رماد مع الزمن فتنتهي وانت لم تقول لنا وداعا.

 

حكمة المقال

بين الحضور والغياب بين السلام والوداع مشاعر تعلقت بشغاف القلب لا تمسحها تلويحات الوداع.

كتبه/ حمد الكنتي


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله