أجواء الطواف الساحرة

 

يحلم ملايين المسلمين حول العالم برؤية الكعبة المشرفة كيف لا وهي قبلتهم التي يصلون اليها خمس فروض في اليوم والليلة حيث كانت القبلة في مطلع الاسلام نحو المسجد الاقصى في فلسطين ثم أمر الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالتحول نحو الكعبة حيث قال في القران الكريم (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره).

وكوني تربيت قرب الحرم المكي فلقد ساعدني ذلك على الزيارات المتكررة للحرم منذ الطفولة حيث بينت تفاصيل ذلك في مقال (قصتي مع الحرم المكي) فكان أكثر ما يلفت نظري انبهار المسلمين بالنظرة الاولى للكعبة المشرفة.

تلك النظرة التي يختلف تفاعل الناس معها فهنالك من يسجد وهناك من يبكي وهنالك من يسرح بشغف ودهشة وهنالك من تزغرد فرحا وهنالك من يلتزم الصمت ويترك مشاعره تتحدث وهنالك من لا تفارقه الدموع حيث تراه يتأمل الكعبة بشلالات من الدموع العاشقة.

كنت ارصد كل هذه المشاهد حينما ارافق ابي بشكل شبه يومي للحرم المكي وكان والدي رحمه الله كلما زار الحرم طاف بالكعبة المشرفة واثناء الطواف كنت اسافر بعيوني في تأمل الحجاج والمعتمرين والزوار الذين قال الله عنهم في كتابه العزيز (وطهر بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود).

وكلما طفت بالبيت كلما تعلمت الجديد في كل شيء ففي صحن الكعبة موقع الطواف رأيت أنبل اختلاط بين الرجال والنساء وشاهدت الكثير من الثقافات المختلفة وسمعت العديد من اللغات واللهجات الجديدة عليّ كليا وتأملت بكاء الرجال ولمحت دموع النساء وشاهدت براءة الاطفال فالكل يطوف في اتجاه واحد وقد انتمى لدين واحد يعبد فيه رب واحد لا شريك له.

وبعيدا عن التأملات في البشر تأتيك التأملات الاخرى المدهشة فأي انبهار كان يغشاني وأنا امرر عيوني سارحا في جمال الكعبة التي جعل الله النظر اليها عبادة وكانت تدهشني كسوة الكعبة التي خصصت لها الحكومة السعودية مصنعا خاصاً يخرجها لنا في كل عام بكل روائعها المدهشة.

وكنت اسرح في جمال بابها الذهبي المزخرف بكل معاني الجلال وإذا مررت مقام ابراهيم عليه السلام كنت احاول ان انظر الى ما في داخله وقد قال الله عنه في القران (واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى)

واما دخول حجر نبي الله اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام فله مشاعر مختلفة كليا حيث انه جزء من الكعبة المشرفة اخرجته قريش منها لان التكاليف المالية -الحلال- لم تغطي بنائه فمن صلى فيه كأنه صلى فيها إذ كنت ارى الحجاج والمعتمرين والزوار يعانقون الكعبة فيه بكل شغف وحينها يسألون الله كل شيء ولسان حالهم حينها (السير الى الله بلا خطوة).

كتبه/ حمد عبد العزيز الكنتي

 

 عودة الطواف في الحرم المكي لغير المعتمرين — النهار أونلاين

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله