“غوغل” يحفظ اسرارنا!

 

عندما بدأنا نستخدم الانترنت قبل سنوات كنا نستخدمه بفضول وتوجس وشغف وحذر، فقد كان هذا الضيف الجميل غريبا لدى البعض ومحرما لدى آخرين ، وهكذا ظلت الآراء حوله متباينة ، حتى فرض وجوده بشكل تام وأصبح ركن من أركان الحياة العصرية .

ومما أتذكره من بداية حضور الانترنت للمملكة، انه تم التخويف منه ووصفه بأنه بلاء وشر ومصدر لهدم الأسرة المسلمة ، وهكذا استمرت هذه النظرة السلبية المحضة له ، حتى نشأت فكرة الأسماء المستعارة التي سبق لي أن أفردتها بمقال نشر في صحيفة الشرق قبل أكثر من عام بعنوان

(الأسماء المستعارة صناعة وهمية لشخصيات مريضة) .

وفكرت الأسماء المستعارة حتى وان دافع عنها البعض ، وضرب فيها أمثلة رائدة ، إلا أنها مع الزمن تسبب انفصام في شخصية الإنسان ، وشتات في عمق الذات ، ومما لا شك فيه أن اشد أنواع الكذب أن تكذب على نفسك .

واستمرت فكرة الأسماء المستعارة في تزايد وكان فيها إبداع متزايد ، حتى أصبحت ثقافة منتشرة ، فكان المنتدى يبتدئك بسؤال : ما هو اسمك المستعار ؟ .. حتى جاء (الفيس بوك) في عام 2008 وبدأ الناس في استخدامه بكثرة وشغف ، وكان الأهم هنا هو تخفيف ثقافة الاسم المستعار ، وظهر الغالبية في (الفيس بوك) بأسمائهم الحقيقية .

وهنا مجددا توجس الناس وقالوا بان (الفيس بوك) هو موقع إسرائيلي يريد ان يُحصّل معلومات عن العرب والمسلمين ، ولكن هذا التوجس كان خفيفا ؛ وذلك يعود الى أن الثقافة التقنية الاجتماعية طغت على تلك المخاوف ، أو أن (الفيس بوك) كان له سحره الفعال في قلوب مرتاديه .

ثم جاء (تويتر) بعد ذلك وكسر حاجز الخوف من إظهار الاسم الحقيقي ، بل انه تجاوز ذلك ليصبح المرجعية الأصيلة للشيخ ، واللاعب ، والفنان ، وصاحب القرار ، وأصبحت النوافذ الإعلامية المقروءة والمشاهدة والمسموعة تتسابق على اخذ الأخبار من تغريداته ، وصناعة الرأي العام من ( هاشتاقاته ) .

وأصبح الشخص العادي يجد تغريداته باسمه الصريح في الصحف والمجلات والبرامج التلفزيونية والإذاعية ؛ ليصبح الجميع متفاعلا مع الحدث ومشاركا برأيه في كل القضايا التي تدور من حوله .

ثم جاءت بعد ذلك طفرة التطبيقات في الأجهزة الذكية ، مثل (الواتساب واللاين) وغيرهم ، ومما يميز هذه التطبيقات أنها مجانية ، وأنها مرتبطة برقم الجوال - يعني تصل إلى كل معلوماتك- ولأنها مجانية .. قال فيها المدرب التقني محمد الأحمري : ( إذا كانت السلعة مجانية ، فأعلم انك أنت السلعة ) وعلل ذلك قائلا بان هذا صراع حول تلقي المعلومات ، وان أي موقع وأي تطبيق لا يسمح لك باستخدامه إلا بعد أن يعرف عنك كل شيء ويرسل لك رسالة إلى جوالك ليتأكد من صحة ما تقول .

وأنا كمتابع لهذا التحول المجتمعي من توجس في إعطاء المعلومة إلى السخاء التام بها ، أتساءل دائما : ما هو سر هذا التحول ! هل أصبح فريضة علينا وخصوصا بعد وجود التطبيق السحابي (جوجل درايف ) ؟ الذي ساهم في جعل كل أسرارنا في (جوجل) .

وبرهن على أن شركة (جوجل) قادمة في جعل إعطاء المعلومة كفرضية مهمة ، وحفظ الأرشيف قضية لها أهميتها وحضورها في عالم يضج بالتقنية ، ويفاجئنا كل يوم بتطور فريد جديد .

حكمة المقال

طغت علينا العولمة ولن نستطيع الفرار منها خصوصا ان الإنترنت لم يعد مقتصرا على الترفيه وانما اصبحت كل حياتنا المعاصرة تقوم عليه في اساسياتها وكمالياتها . #حمد_الكنتي

حمد عبد العزيز الكنتي

 ما هو غوغل درايف Google Drive

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محطات من حياة الوجيه والأكاديمي الدكتور أحمد فال الكنتي رحمه الله

محطات من حياة الفقيد محمد محمود الهاشمي رحمه الله

محطات من حياة أبي عبدالعزيز الكنتي رحمه الله