عرفات دهشة القربات

 

امر الله نبيه ابراهيم عليه السلام بنداء الناس لشعيرة الحج حينما قال سبحانه (واذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق) وجعل النبي محمد صلى الله عليه وسلم هذه الشعيرة هي الركن الخامس من اركان الاسلام ولمرة واحدة في العمر تحكمها استطاعة الانسان.

ويتم تنفيذ غالب اركان وواجبات وسنن الحج في منطقة المشاعر المقدسة بمكة المكرمة وهي (مشعر منى ومزدلفة وعرفات) حيث يقضي فيها الحجاج اياما معدودات يؤدون فيها نسكهم ليعود الحاج او الحاجة كيوم ولدتهم امهاتهم طهرا ونقاء.

وتتفاوت اهمية هذه المشاعر بحسب موقعها بين اركان الحج وواجباته ومن اهم اركان الحج الوقوف بمشعر عرفة في اليوم التاسع من ذي الحجة.

فبدون اداء ركن الوقوف بعرفة لا يتم الحج ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث (الحج عرفة) ووصفه الله في القران بيوم الحج الاكبر حينما قال (واذان من الله ورسوله الى الناس يوم الحج الاكبر ان الله بريء من المشركين ورسوله)

وفيما يتعلق بواجبات الحج فيمكن جبرها بكفارة دم وفيما يتعلق بسننه فلا شيء على المسلم إذا تركها بخلاف اركان الحج التي لا يمكن تركها البتة.

ولذلك يتزاحم الناس على صعيد عرفات من كل عام ملبيين نداء الله لهم وقائمين بأهم اركان الحج على ارض عرفات الطاهرة.

يقفون تحت شمسها الساطعة ويتزاحمون فوق ارضها الساخنة بعضهم يكرمه الله بان يقضي يوم عرفة في الظل تحت الخيام وبعضهم يقضيه في مسجد نمرة وبعضهم يجد شيء من الظل في الازقة بين المخيمات ولكن السواد الاعظم منهم يقضيه تحت شمس عرفات الساخنة وقد جربت ذلك الشعور كثيرا ولله الحمد والمنة.

 

ولا يهم اختلاف المكان كان الوقوف في الظل او تحت الشمس الاهم اتفاقهم على منسك واحد يقفون بلبس واحد وقد ذابت كل الفوارق بينهم فلا فرق حينها بين غني او فقير ابيض او اسود كبير ام صغير جميعهم وقفوا في مكان واحد وبلسان واحد قالوا

لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك.

وانت تراهم في عرفات ملفعين بالبياض تشعر من روعتهم بأنهم ملائكة وليسوا بشر يتباهى الله بهم امام الملائكة كما جاء في الحديث القدسي حيث يقول الله سبحانه للملائكة عشية يوم عرفة (انظروا الى عبادي شعثا غبرا لقد اتوني من كل فج عميق يرجون رحمتي ومغفرتي اشهدكم أني قد غفرت لهم) فكل مسلم ومسلمة يتمنون نيل فرصة مغفرة كهذه.

وحينما يقترب موعد الغروب ترى المشهد المدهش حيث يقف الجميع رافعين ايديهم للسماء راجين باكين مبتهلين لمولاهم يرسل كل واحد منهم رسالته الخاصة الى الله ويطلب كل شخص منهم امنيته من ربه.

مشهد شجن باكي يذوب فيه الخجل بين الجميع وحينها من لم يبك بصوته بكت عيناه والكل يدعوا ربه بشغف

وربما تحققت جميع نجاحات السنة بتلك الدعوات وربما حقق الانسان المستحيل بتلك الابتهالات.. فالله يعطي الجميع طوال العام ولكن في يوم عرفة اليوم الذي يحبه سبحانه كثيرا يعطي أكثر فأكثر.

كتبه

حمد عبد العزيز الكنتي

بالصور: مسجد نمرة .. أهم معالم مشعر عرفة | مصراوى

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله