اشتري لك كبير !

 

يقول اخوتنا أهل مصر العظيمة في مثلهم الشعبي : ( اليّ ملهوش كبير ، يشتريلو كبيير ) ، ويقصدون به أن الناس يحتاجون إلى شخص اكبر منهم فكرا وعقلا ، وأكثر منهم (نضجا) لكي يوجههم نحو الطريق الصحيح .

يختلف الناس كثيرا حول هذه الفكرة ، فبعضهم يظن أن فكرة البحث عن الكبير هي انغماس عالٍ في التبعية التي ذمها الله بقوله ( إنا وجدنا آبائنا على امة وإنا على آثارهم مهتدون ) ، فتجده يتوجس من مجالسة الكبار لكي لا ينصحونه .

وتراه إن كان مراهقا بالذات يقول: (أنا لا احد يفهمني !) لأنه يعتقد انه هو العاقل الوحيد ! ، وان دروشة الكبار – كما يعتقد – لا تصلح لزمانه الحالي !.

وعلى العكس فهنالك بعض الشباب ينغمسون في فكرة نصائح الكبار لدرجة أنها تصل إلى مرحلة أن يتحول هؤلاء الشباب إلى دُمى في أيدي الكبار ! يوجهونهم نحو كلما يريدون !.

فتجد أن هذا الكبير – أيا كان – يختار لهذا الشاب تخصصه المدرسي ! ، واتجاهه العملي ! ، بل يزيد عن ذلك حتى يصل لمرحلة أن يختار له شريكة حياته ! ، والمدينة التي سيعيش فيها ! ، وغير ذلك من التدخلات التي تُحول هذا الشاب إلى شخصية مسخة ! ، شخصية تعتمد على الآخرين بشكل كبير ، ليصبح إمعّة لا رأي له ولا قرار ! مما يفقده الثقة في نفسه ويفقد الآخرين الثقة فيه فتستحيل حياته إلى جحيم!.

ولما كثُر أمثال هؤلاء الشباب المتشبعون بالتبعية العمياء ! ، المرتكزون على ظهور الآخرين ! ، الممتلئون بالهشاشة النفسية ! ، أصبح الكثير من الكبار- أفرادا كانوا أو مؤسسات مجتمع وعمل - لا يثقون في أراء الشباب الطامحين لان اؤلائك شوهوا سمعة هؤلاء ! ، مما جعل الجميع يفقد الغاية المأمولة من الشباب .

وكلا الحاليتين خطا .. فالشباب يحتاجون تتم تربيهم من (الكبار) وهم في الطفولة على الاعتماد على الذات ، والذي يبنى على صناعة العقل ، وصقل الشخصية ، ولما يصبحون في مرحلة الشباب ستكون ثقتهم في نفوسهم عالية لان قدارتهم مصقولة مما يجعلهم أكثر ثقة في نفوسهم .. وهذا ما سيجعل المجتمع او بعضه يثق فيهم ، ويستمع لآرائهم كما تقول الحكمة ( كما تنظر لنفسك يراك الآخرون ) ، ويعطيهم المهمات العظيمة .

وأيضا يحتاج (الشباب) إلى حكمة (الكبار) دائما وأبدا ، فالكبير " العاقل الناضج " لا غنى عن توجيهاته – بلا تبعية عمياء - لأنه يختصر بخبراته للشاب الكثير من الزمن والمسافات في الوصول إلى غاياته ، كما يقول المثل الموريتاني ( يرى العجوز المتكئ ما لا يراه الشاب الواقف ) .

ولو تأملنا حال العائلات من حولنا فإننا سنجد غالبا أن الأسرة الملتفة حول كبيرها أبا كان أو جدا مشاكلها قليلة ، وحالتها مستقرة.

ولا أنكر أيضا العكس ، فهنالك من الكبار من يستغل الصغار في تصفية مشاكله مع الآخرين !! ، فيمنع مثلا : ابنه أو حفيده من الزواج من فلانة بسبب حقده على أبيها أو جدها !.

فالأمر فيه العديد من وجهات النظر المختلفة ، ولكن الكبير الحكيم يظل لصوته اثر لا ينبغي نُكرانه ، كما تقول العرب ( نصف عقلك عند أخيك ).

حكمة المقال

بين حكمة الكبير ، وحماسة الشاب تنطلق الحياة .

حمد الكنتي

رجل كبير في السن يتحدث عن أمنياته في الحياة فقال : – همسة سماء الثقافة  لتنمية المرأة والطفل

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محطات من حياة الوجيه والأكاديمي الدكتور أحمد فال الكنتي رحمه الله

محطات من حياة الفقيد محمد محمود الهاشمي رحمه الله

محطات من حياة أبي عبدالعزيز الكنتي رحمه الله