بين الحساب والعقاب!

 

هل نفكر في امساك دفتر نسجل فيه ما نفعل وما نترك من حسن أو سوء لنعرف من خلاله في أي مسار نسير نحو الخير أو الشر وما هي حظوظنا من الأرباح والخسائر فالله جهز لنا الملكان رقيب وعتيد يرصدان جميع تصرفاتنا كما قال في سورة ق (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد).

فهؤلاء الحفظة يرصدون لنا كل شيء كما وصف الله في القران بقوله: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا).

وعلينا ان نستكشف نحن هذا الاحصاء الذي يخصنا نحن وحدنا لنكون على بصيرة بمقدار ما نفعل من خطأ او صواب فالعلماء متفقون على اهمية محاسبة النفس تنفيذا لأوامر الشريعة الإسلامية، وعملا بقول الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا وزنوها قبل ان توزنوا فاليوم عمل بلا حساب وغدا حساب بلا عمل).

ويمكن ان يتخذ الشخص دفتر يرصد فيه كلما يصدر منه عاجلا في الصفحة اليمنى من الحسنات وفي اليسرى من السيئات ويتابع النتائج لاحقا كما قال ديل كارنيجي في أحد ادراج مكتبتي ملف خاص مكتوب عليه (حماقات ارتكبتها).

ويقول المفكر محمد الغزالي: (والحق ان ترويض النفس على الكمال والخير وفطامها عن الضلال والشر يحتاج الى طول رقابة وحساب فبناء دار جديدة على أنقاض دار خربة لا يتم سريعا وكذلك النفس لابد لها من حساب دقيق يعتمد على الكتابة والمقارنة والاحصاء واليقظة).

وكان بنيامين فرانكلين ينصب لنفسه محاكمة عسيرة كل مساء، وقد اكتشف ان هناك ثلاثة عشر خطأ خطيرا يقترفها على الدوام واهم ثلاثة منها: (تضييع الوقت سدى، والانشغال بالتوافه، والجدال مع الناس من غير طائل) ورسخ في ذهنه انه مالم يتخلص من هذه الاخطاء فلن يتقدم في الحياة شيئا يذكر.

ولذلك عمد الى تخصيص اسبوع لمحاربة كل نقيصة من نقائصه على التوالي وافرد سجلا يدون فيه يوما بيوم انباء انتصاراته على نقائصه او هزيمته امامها، وقد لبث في حربه ضد اخطائه أكثر من عامين ليصبح لاحقا من أعظم رجالات أمريكا.

كتبه/ حمد الكنتي

ميزان من النحاس الخالص | هاندي فاندي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله