لحظة الوداع



لحظة الوداع
لبوا نداء ابراهيم , فأتو من كل فج عميق , وانتشروا بروعة ايمانية في طرقات مكة وشعابها, حتى يخيل لك انهم الملائكة وانت تراهم .
خاضوا رحلة الحج  فانطلقوا والايمان يرويهم الى منى ليكونوا هنالك يوم التروية , وغادروها  والشوق يزفهم الى عرفات  ليشاركوا في المؤتمر الاكبر والانقى والاكمل ..إنهم يقفوا على صعيد عرفات .
لينتقلوا منها والتعب المفعم بالحب يغشاهم الى معانقة المشعر الحرام , وليجمعهم الجمع في مزدلفة ليسهروا ليلة بيضاء
في جو ممتلئ بالود والإخاء.
وبعدها سيحتفلون بالعيد الاكبر وسينتصرون على شيطانهم الازلي  فاليوم يوم الاحتفاء بدحر ذالك البائس الرجيم .
وهذا الاحتفاء شرعه محمد صلى الله عليه وسلم بقوله(ايام التشريق ايام اكل وشرب وذكر لله ) إنها بحق لحظات احتفاء الله بعباده ومكافئته جل وعلا لهم .
وعندما تسير في مكة المكرمة هذه الايام ستشاهد مناظر مبكية انها مناظر الوداع , فتشاهد الحجيج يتوافدون على ركوب
الحافلات والدموع تغشاهم, صدقوني اللحظات لا أستطيع وصفها فكلماتي دونها بكثير, إذ تجدهم يلتقطون لبعضهم صورا باكية, وترى في وجوههم مشاعر مختلطة بين الضحك والبكاء, إنهم بحق يديرون حفلة بكاء في فنادق مكة الحب والنماء.
المنظر مبهر, واللحظة خيال, والمشاعر نادرة , والنفوس بالحب عامرة , ورغبة البقاء حاضرة, والشوق الى الاهل حاضر , فلقب الحاج هنالك في الانتظار.
انهم يحملون معهم الهدايا التي تجسد رحلة الحج  , فزمزم حاضر , وعجوة المدينة متألقة , والتفاصيل الصغيرة متواجدة وقبل هذا روح الحب التي طغت عليهم فهم رحلة الحج انزاح , واشرقت الليالي الملاح , وافتتحت الافراح .
إنها رحلة الحج الخالدة, إنها مكة الحاضنة, إنها المشاعر المقدسة, انه الحرم الآمن, إنه الشعور الإيماني الكبير.
غادروا مكة بدموع الحزن , وسيستقبلهم اهاليهم بدموع الفرح , وبين هذه وتلك رحلة حج كبرى انجزت وحلم تحقق
على تراب مكة الطاهرة .
حتما سيغيرهم الحج الى الافضل , وستبقى ذكريات نمرة ومزدلفة والجمرة والكعبة والصفا مغروسة في نفوسهم الى الابد يتوارثها الاجيال بعد الاجيال وسيعتز الجميع بالظفر بلقب الحاج والحاجة .
اما اهل مكة المكرمة فوضعهم غير فعندما يشاهدون هذه المناظر التي تنبض بالحب  قبل الوداع , فلا تسأل عنهم حينها فالدموع انهار تسري , والاعتزاز بالسكنى في مكة يزدهر , والفخر بخدمة الحاج يشعشع في أفئدة المكيين .
فمكة بعد الحج تحقق الانتصار الكبير فالكل مسرور بنجاح الحج , ومغادرة الحجيج الى بلدانهم سالمين غانمين ,
وذالك حتما هو الفوز المبين.
حفظ الله مكة المكرمة من كل سوء , وادام عليها تلك الهبة التي اختصها بها , وقيض لها اهل يعتنون بها
ويرون حقيقة الحياة , وابهة الدنيا , في خدمة ضيوف الرحمن , راغبين في الاجر من العظيم المنان .
قال الشاعر .
من حسن حظي ان مكة مولدي ............. والبيت والركن المكرم منزلي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله