دروس من اولمبياد #ريو2016
أتابع " الاولمبياد " بشكل دائم فأجد فيه كل مرة دروس جديدة
، بداية من ( حفل الافتتاح ) الذي يزدان
دائما بتجمع كل دول العالم – حتى تلك الدول التي لا نجدها على الخارطة – بدياناتها
، وعاداتها ، والوانها ، في ملعب واحد ، لتذوب حينها جميع الفوارق الدينية ، والعرقية
، والثقافية في بسمة واحدة .
ومن يتابع الاولمبياد " بوعي " سيجد انه مليء بالدروس ، وعامر
بالعبر .. ففي كل مشارك قصة ، وعند كل مشاركة رواية .. وبين هذه المشاركة ، وذاك
المشارك ، تتكون دروس من الالهام ، وتتشكل عوالم من التحفيز في قلب المشاهد .
تعلمت من الأولمبياد .. بانك لن تصل الى ما تريد الا عبر التمرين
الطويل ، والمثابرة على التكرار ، والقتال الشديد اثناء النزال .
تعلمت من الاولمبياد .. انه لن ينتصر بعد توفيق الله الا من قد عمل
على اقصى طاقته .. ولن يجني الذهب الا من قاتل بكل ما فيه .
تعلمت من الأولمبياد .. ان المنع مرفوض .. فكل مشارك سيلعب مهما كانت
جنسيته ، ومهما فعلت سياسة دولته ، فطالما انه قد اجتاز التصفيات فان فرصته في
اللعب متاحة ، وسيأخذ حقه كاملا ، فلا واسطة ، ولا محسوبية في الاولمبياد ! .
ولقد شعرت كثيرا بالجمال وانا اشاهد جميع الاديان يلعبون مع بعضهم
البعض ، وقبل النزال يتصافحون ، وبعد نهايته يتعانقون بدون أي افكار اخرى ، وكأن
الاولمبياد يقول لنا : الرياضة تجمع الجميع في سلام ، ووئام .
ومن الاشياء التي الهمتني في الاولمبياد مستوى الاتقان العالي ، فلا تُقبل
اطلاقا أي حركة ناقصة ، ولا يرضى الحكام بأي خطأ - حتى لو ظننا بانه بسيط - مما
جعل المتسابقين يحرصون كل الحرص على محاولة إلغاء الخطأ من قاموسهم .
أيضا مما اعجبني في الاولمبياد ، وضعهم في الاعتبار ( لصيرورة الخطأ ،
وضرورة المحاولة ) فلكل لاعب ، او لاعبة ثلاث محاولات ، لكي يجد فرصة للتعويض ، او
التحسين .
ومن اهم الدروس التي وجدتها ، هي القدرة الهائلة التي تكمن في الانسان
كما قال الامام علي بن ابي طالب :
وتزعم أنك جرم صغير .. وفيك انطوى العالم الاكبر
فلاحظت ان الانسان اذا امن بقدراته ، فانه سيحقق المستحيل ، وهذا يتضح
جليا في القوة الرهيبة التي شاهدتها لدى المتنافسين ، حيث رأيت أنهم يخرجون جميع
طاقتهم ، ويقاتلون بكل ما فيهم من قوة ، فأثار فيّ هذا طاقة عالية ، وعرفت حينها
ان قوة الانسان لا حدود لها .. والمفتاح في ايمانه .
وتعلمت أيضا من الاولمبياد ، ان دموع المتنافسين عند الانتصار تقول :
( تعبي لم يذهب سدا ، وقتالي لم يمضي على الفراغ ، واصراري آتى أُكُلَه ) .
ودموع الخاسرين تقول : ( قاتلت جدا ، وسأعود مجددا للقتال .. قاتلت
وكان الحظ اليوم من نصيب غيري .. قاتلت .. ويوما ما سأحقق المجد .. فالنجاح دائما له
فرص أخرى ... ) .
وفي الحقيقة .. فان من يتابع الاولمبياد ، سيجد ان المتنافسين يحطمون
ارقاما لا يكاد يستوعبها العقل ! بل إن بعضهم يعود في اولمبياد آخر ، ليحطم رقمه
السابق برقم مدهش جديد . وهذا يبين مدى تطور المتنافسين ، وحرصهم على القتال لآخر لحظة .
كتبه : حمد عبدالعزيز الكنتي
.
تعليقات
إرسال تعليق