نكتب بين الحق والعواطف !

عندما نفتح الصحف كل يوم ، نجد انها مليئة بالكثير من المقالات التي تضج بالكثير من المواضيع المتنوعة ، والقضايا المختلفة ، وهذا الامر مبدئيا جميل .. ولكن اذا سبرنا اغواره ، فسنجد ان الكثير من هذه المقالات هي عبارة عن زوايا عاطفية ، حيث يُصيغ الكُتّاب فيها ما يشاؤون بعاطفة جياشة - لا يلامسون غالبا فيها " الحقيقة " - وإنما يعزفون على اوتار المشاعر الانسانية ، مفضلين – في ذلك - ان يعيشوا على الوهم ! ناءين بأنفسهم عن الحقائق التي قال فيها الشيخ النابلسي ( الحقيقة المُرة .. خير من الوهم المريح  ! ) .
فتجد الكثير من الكُتّاب عندما تواجه المجتمع المشاكل ، يقومون بطرح افكار عاطفية سطحية ! يحاولون من خلالها ان يطرحون حلول وقتية عاجلة ، تبدأ سريعا وتنتهي بشكل اسرع مما بدأت به .. وذلك لأن الكتابة الخالية من الحقائق لا تؤدي الى علاج عميق ، وفعّال ، ومستمر ، فالهروب من الحقيقة لا يؤدي بأي شكل الى تطوير المجتمعات  .
والكتابة بالحقيقة الخالية من قوة التأثير ، وحَبكة النص ، لا تؤثر في الوجدان لأنها لا تلامس القلوب ، وبالتالي ستكون ايضا خالية من الفائدة  .
وهذا الامر لم يحدث اليوم فقط .. بل له تاريخ قديم ، فالفلاسفة مثلا لا يفيدون الناس كثيرا لان طرحهم عاطفي اكثر ، فهم يطرحون اقوال نستمتع بها ، وتؤثر في وجداننا ، ولكننا لا نستفيد منها ، لأنها لا تلامس الحقيقة دائما  .
والشعراء قديما وحديثا يعزفون على العواطف فقط ، ولا يلامسون الحقيقة الا فيما ندر ، فهم يؤثرون بشكل كبير في قلوب الناس ، ولكن للأسف فان الكثير من المعاني في الشعر ، والنثر هي معاني سلبية نادرة الفائدة ، لان الشعراء الذين كتبوها لا يلامسون فيها الحقيقة ، ولذلك قال عنهم الله في القران الكريم ( والشعراء يتبعهم الغاوون الم تر انهم في كل واد يهيمون وانهم يقولون ما لا يفعلون )  .
والحل دائما يكمن في جمع " الحقيقة " مع " العاطفة " ليكون النص اكثر تأثيرا ، واعمق فعالية .. لأنه نابع من مواجهة حقيقة المشكلات ، ومعالجة جذورها لا ظواهرها ، ليكون الحل بذلك طويلا ، ومستمرا .. وليس قصيرا ينتهي بسرعة البرق ، فتعود المشكلة بذلك كما كانت ، او ربما اكبر من ذلك .
وجمع " الحقيقة " مع " العاطفة " هو الخطوة الصحيحة .. ولهذا فإننا نرى ان  منهج القران الكريم جاء بالجمع بين " الحقيقة والوجدان "فالله انزل علينا فيه الحقائق ، وامرنا باتباعها ، وصاغها لنا في اطار وجداني مؤثر ، فنجد أن القران حدثنا عن تاريخ الامم السابقة ، وعن حقائق الامر والنهي .
وحدثنا أيضا بلغة المشاعر في : الخوف ، والحزن ، والرجاء ، والمحبة ، والرحمة ، وغيرها من العواطف التي تؤثر في وجدان الانسان بشكل عميق  .
حكمة المقال
اكتب الحقيقة بروح العاطفة لتلهم الجميع .
كتبه : حمد عبد العزيز الكنتي



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله