بعثرة ..!


نواجه كل يوم ايقاعا متسارعا للحياة يجعلنا اكثر انضباطا وجدية ، وقد نحاسب انفسنا على الصغيرة والكبيرة ، او يحاسبنا من هو مسئول عنا في المنزل او العمل على قليلا من التقصير ينتابنا ، وهذا الضغط انعكس علينا فأصبحنا ممتلئين بالجدية والحزم ولا مكان للتساهل بيننا حتى انك تشعر ان بعض الاسر ثكنات عسكرية من شدة انضباطها ، وقد تحضر بعض حفلات الاعراس فتحتار هل انت في فرح ام حزن من هول ما ترى من رسمية متكلفة وضحكات  باردة .
وتجالس بعض الاصدقاء فتجد كل شيء لديه له ميزان حتى تشعر لوهلة انك امام ضابط مخفر حازم .
هذه المشاهدات وغيرها تنبئ بان واقع الحياة فرض على الكثير منا هذه الانضباطية الحازمة وهي قد تكون جيدة في بعض الاماكن وغير مفيدة في اماكن اخرى حيث يروى عن الامام الشافعي انه انتقد الرسمية  في اوقات التنزه والفرح .
وفي عالم الاصدقاء يقال مجازا ( سوء الادب مع الاحبة ادب ) فإذا لم تمازح اصدقائك وتضاحكهم لا تشعر بان صداقتكم اصبحت حميمة وذات قيمة حقيقية في عالم الصداقة .
وإذا ظللت بالملابس الرسمية في كل مكان ستشعر بأنك رجل الي وشخص متكلف للبسمة والرأي والحضور فلابد ان تتخلى عن الرسمية وتترك شعرك مبعثرا لكي تستمتع به عندما تصففه مجددا لتشعر بقليلٍ من التجديد .
حتى في عالم المشاعر يقال : ( لابد لنا من البعثرة في الحياة فهي التي ستعيد اكتشافنا من جديد ) حقا .. جميل ان نشعر ببعض البعثرة لكي نرتب اوراقنا من جديد .
وفي شأن الانثى تجدها احيانا اجمل وهي مبعثرة لخصلات شعرها وتلطيخ مكياجها على وجناتها حيث الانوثة الحقيقية
حتى في الطعام يقدم مبعثرا بشكل جميل فتجد الارز منتشر وفوقه البهارات والمكسرات في شكل فريد يجعلك اكثر اشتهاء وشغف ومتعة .. انها البعثرة يا صديقي .
ما اجمل ان نشعر بفسحة من الوقت ، نغير فيها روتين حياتنا وننطلق الى عالم البعثرة الجميل ، بعيدا عن التكلف والرسمية المزعجة احيانا ، لنغير واقعنا المزدحم بواجبات الحياة الى عالم اجمل يجعلنا نحقق ذواتنا قبل ان نعاود الركض مجددا في مناكب الحياة .

كتبه : حمد عبد العزيز الكنتي



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله