من عمق القاعة



من عمق القاعة
في زمننا هذا تكاد ان تصعق من هول ما ترى في القاعات الجامعية  فالطلاب في زاوية والدكاترة في زاوية اخرى ..
وانا في خضم الهدوء في القاعة ارى تباينا ملموسا بين ما يقدمه الدكتور وبين ما يفعله الطلاب
إذ الطلاب منشغلون في قضايا مهمة بالنسبة لهم من انهماك سافر في الاستخدام الخاطئ للأجهزة الذكية من دردشات هي ابعد من ان تكون ذات فائدة ومقاطع فيديو تتنوع بين مشاهدات خاطئة وليست لها اهمية اطلاقا ..
وبغض النظر عما يشاهد الطلاب او يتصفحون فإن المشكلة  من وجهة نظري تكمن في قضية كبرى ولازمة الا وهي قضية الاخلاق قبل العلم وبلا شك فان هذه المشاهدات وهذه التصرفات لا تمت للأدب بصلة ..
والذي يزعجني اكثر ان هؤلاء اناس اكاديميون ينتظر منهم المجتمع مستقبلا مشرقا ووضاء
وينتظر منهم اخراج اجيال متوافقة مع اهداف المجتمع وتنميته ..
والغريب ان الكثير من الدكاترة يساعدوهم على هذه التصرفات المخلة إذ تجد الدكتور منهمكا في سرديته المتواصلة دونما انقطاع لسؤال او قضية مثرية  .. وفي ذات الوقت يرى سعادة الدكتور هذه التصرفات ويرنوا الى المدى  والطلاب في خضم انشغالاتهم باستثناء قلة قد يصدق عليهم في تلك اللحظات فئة الغرباء .. ومع هذا لايزال الدكتور منشغلا بما يقدم غير عابئا بالمنظر الملفت الذي يحصل امامه !!
ومع ان علم البرمجة اللغوية العصبية  يشدد على قضية التؤامة بين الملقي والسامع من حيثية حسن الانصات وترك الانشغال والتركيز ومواكبة الحركات وغير ذالك كثير مما يساعد على الفهم ويفضي الى الاستيعاب الامثل ..
وايضا تعلمنا صغار ان الادب يكون قبل العلم حيث كان احد العلماء قديما يدرس الناس
وذات يوم قبل ان يذهب الى الدرس دخلت العقارب في خفه دونما يشعر وقام ولبس الخف وذهب يدرس الناس واثناء الدرس بداءت العقارب تلدغه في قدميه ووجهه يصفر ويحمر
وهو كذالك والالم يغشاه حتى انهى الدرس وبعدما فرغ تفاجأ بالعقارب في خفه ...
واين نحن في زماننا هذا من هذه القصة ففي خضم التركيز المنشق من وسط شتات الزحام
يفاجئك الدكتور بإتصال مزعج ويغادر القاعة ويعود بعد دقائق .. ويحتاج بعد عودته الى دقائق اخرى ليعيدنا لما كنا بصدده ..!!
وبما المقابل تجد الدكتور منهمكا في شرحه ليقاطعه الطالب قائلا لدي اتصال ويتوقف الدكتور ويسمح للطالب ونحتاج دقائق اخرى لنستعيد مانحن بصدده ايضا !!
أتساءل دائما لماذا يحصل كل هذا واجيب نفسي بان المسائلة  بسيطة وسهلة وسلسة فالقضية ان تتفرغ ايها الطالب لما انت بصدده فتغلق الجوال قبل المحاضرة وتركز في المحاضرة لكي تستفيد من ذالك العلم وتنهل من تلك المعرفة ..
وايضا ينبغي على الدكتور ان يعلمنا حسن الانصات ولايسمح لتلك المهاترات وذالك التلاعب والانشغال السافر بهذه التقنية  وان يكون صارما وان يعطي الدرس كل جهده وتركيزه
ويترك عنه الاتصال وغير ذالك من انشغال ...
يقول صديقي الشاعر محمد عبدالباري ...
بإن الاكاديميون تضيق بهم القاعات وتحرقهم ظهيرة الشمس ....................
ربيع الثاني 1433

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله