التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حاسبها ولا تجلدها


دائماً في بداية العام الجديد ينطلق الناس بمحاسبة أنفسهم وذلك أمر مطلوب ونهج جيد ولكن السؤال المطروح: ما كيفية محاسبة النفس لديهم وكيف تكون محاسبة مُثلى ومكاشفة كبرى تحفظ لهم الحق وتريهم الحق أيضا.لاحظوا معي أن كثيراً من الناس عندما يحاسب نفسه فهو يحسب ما عليه ولا يحسب ما له! بمعنى أنه يعد خطاياها ويبكيها وينسى حسناته ويتناسى فضائله معتقداً بذلك أنه وُفِّق للصواب ونال درجة الفردوس في عالم الإيمان.
ولا شك أن ذلك النهج غير صحيح لأنه لا يوافق طبيعة الإنسان الذي هو بلا شك ليس بخير محض كالملائكة وليس ببشرٍ محض كالشياطين، فعندما يعي ذلك عليه فقط أن يحقق إنسانيته ويعلم أن الخطأ طريق للصواب.
وعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما قال (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية)، وهذا مقياس عال من مراقبة النفس.ورهاب الخطأ قد يوصلنا إلى نتيجة سيئة الا وهي ظلم النفس، والله عز وجل نهانا عن ذلك عندما قال (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا) وكانت النتيجة في قوله (فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ)، وأحد الفلاسفة يقول (لا توقظ التعاسة)، ويقول أنيس منصور (المرارة مُرّة إذا لم تبتلعها) فإذا حاسبت نفسك وانتهيت فخذ العبرة من سلبياتك وعزز إيجابياتك وانطلق.وفي العام الجديد لا تخش التعثر والتبعثر فهما كما يقول الدكتور علي أبو الحسن يكتشفان الممكنات التي لديك.
يحكى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان يحمل الدلو على كتفه ويسير به في طرقات المدينة لكي يزرع التواضع في نفسه ويبعد عنها الغرور.
ويحكى عن الشيخ الشعراوي أنه عندما عين وزيراً للأوقاف المصرية أنه مرّ بمسجد وأمر سائقه أن يتوقف ودخل إلى المسجد وتأخر فيه فدخل السائق يبحث عنه فلم يجده في المسجد فبحث عنه في دورات المياه (أكرمكم الله) فوجده يغسل أحد المراحيض فقال له لم تفعل ذلك يا شيخ فقال له (أنا اليوم عينت وزيراً للأوقاف فارتفعت نفسي فأردت أن أردعها وأخرج الكبر الذي فيها).ومحاسبة النفس طريق جميل لتغييرها فالانتقاد حالة إيجابية ولكن بشرط أ لا تتركه يعيقك عن الانطلاق أو يزرع فيك اليأس، كما قال أحد الفلاسفة (لا تلوثوا هواءكم).كن دائماً مستمتعاً بالحياة كن دائماً شغوفاً بالحياة كن دائماً عاشقاً للحب والنماء كن أنت لتكونك الحياة.
حكمة المقال: يقول ديل كارنيجي (كان لدي كتاب اسمه «حماقات ارتكبتها» الصفحة اليمنى أسجل فيها إيجابياتي واليسرى سلبياتي).
كتبه :  حمد الكنتي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله