املك في أملك


من منا لا يواجه فتنا في هذه الحياة , كلنا نكتئب , كلنا نخاف , وتدور من حولنا الدوائر , وتحلق فوقنا السحب السوداء , وتظهر أمامنا النوايا التي تتربص بنا , كل هذه الأمور وأكثر تراودنا ,  قد نضيع , وربما نتوه , وقد تجتاحنا الأسئلة , ويلجمنا الوجوم , وقد نضحك ضحكات متبلدة على واقع ينسج خيوط الوهن فينا .
الله يصيبنا ليختبرنا ويمحصنا ويخرج أجمل ما فينا , فنحن نرى البرتقال يعصر ليخرج لنا شرابا باردا حلو المذاق , وكذلك الحياة تعصرنا لتخرج أغلى ما فينا , والمهم هو كيف نحن نتعاطى مع هذه المحن وبأي عين ننظر إليها , هل بعين تنتعش بالتفاؤل أم أخرى تقبع في دركات التشاؤم .
مهما يحصل لك في الحياة من منع فاعلم أن المنع من الله هو عين العطاء كما يقول ابن عطاء السكندري , ومهما تحصل لك من فاقات فاعلم أن أوقات الفاقات أعياد المحبين كما يقول ابن عطاء لأنها تعيدهم إلى الله , ويفهمون هذا المنع فيعود عليهم المنع عين العطاء .
ومهما ما ينتشُر من حولك المرجفون , ويجالسك الواجفون , وترى الأبواق تنبض بكل ما لا يسر , ويتسرب إلى قلبك القلق , فاعلم أن الله يمتحنك , وتَفكر فان بعد العسر يسرا , وما ضاقت حتى فرجت , ومن الألم يأتي الأمل , وكما يقول الدكتور علي أبو الحسن ( املك في ألمك ) ومن قال لك  أن  الحياة تستقيم على شيء جميل دائما , فهي أصلا فطرت على كبد , وكما قيل ( من سره زمن ساءته أزمان ) وعليك أن تنظر بعين البصيرة , لترى أنوار الأمل تشع من نوافذ الأفق  البعيد معلنة فجرا جديد ينير الطريق ويحي القلب الجريح , ويسكت النائحة الثكلى , ويروي الأرواح الظامئة .
ودائما عندما تواجهك الأزمات , لا تنظر بعين قاصرة سطحية لا ترى سوى القشور , انظر بعين متأملة  ترى وهج الحياة , وتمعن في أرجاء الحقيقة , وتعرف بأنه كلما زاد الألم كلما اقترب الأمل , وحانت لحظة الفرج , لان الله خلقنا ورزقنا بل وقال لنا انه ( لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها ) في أي ارض تحت أي سماء ,  ودائما علينا أن نكون متفائلين راضين بما قسم الله لنا , حتى وإن اشتدت بنا المحن ...
كتبه / حمد عبد العزيز الكنتي


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

محطات من حياة الوجيه والأكاديمي الدكتور أحمد فال الكنتي رحمه الله

محطات من حياة الفقيد محمد محمود الهاشمي رحمه الله

محطات من حياة أبي عبدالعزيز الكنتي رحمه الله