علاقات ليست لنا!

 

عندما تأتي سيرة أخوه في الحديث يقول لك لم أراه منذ عام! وعندما تسأله عن أحد أقاربه يقول لك لم أزوره منذ زمن! وهكذا دواليك تتوالى المفاجآت! فهو لم يلتقي بالكثير من أفراد عائلته سواء على مستوى الأقارب في الدرجة الأولى أم الثانية أم حتى العاشرة، ثم يقول لك هؤلاء أخواني وأخواتي وأهلي وهو تمر عليه الشهور والسنوات ولم يلقاهم!

عندما نرى أمثال هؤلاء -وقد نكون نحن منهم أحيانا مع بعض الأشخاص- يُمكننا القول بأن هذه العلاقات ليست لنا!

فهذه العلاقات حتى وإن كانت تجمعنا رابطة الرحم والنسب والعائلة والقبيلة فإننا في حقيقة الأمر لا نرتبط بهم بمعاني العلاقات الحقيقية، والتي تعني "التواصل الروحي والجسدي والنفسي والمعنوي والمادي" والذي يتلخص في المحبة الأصيلة والاهتمام الحقيقي في القُرب والبُعد تسقط فيه المسافات.

ما فائدة أن يقول الشخص هذه اختي وهو لا يجالسها! ولا يكلمها! ولا يشجعها! ولا يعرف أصلا أخبارها ومستجداتها! ولا يعلم بالصعوبات التي تواجهها في الحياة! ثم إن أرادت أن تبوح باحت لغيره، وإن رغبت في الحديث لم تجده، وإن واجهها أمر لم تستعن به!! فهنا أصبحت أخوتهم بلا معنى.

وما المعنى من قول شخص هذا أخي وهو لا يزوره! ولا يلقاه! ولا يعرف جديده في الحياة! ويجد أخباره بالصدفة عند الغرباء أو الأقارب! بل ولا يهتم لأمره! ولا يتحسس أخباره! ولا يسأل عنه! فأين إذن المعنى الحقيقي للأخوة التي ضاعت في زحام المادية المُرعب.

ولا عجب أن تجد أبناء الاسرة الواحدة لا يجتمعون على طعام الغداء معاً، فكل منهم ماضٍ في طريقه الخاص! ولكل منهم علاقاته الخاصة! وكأن هذه الآية نزلت في وصفهم (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ) كان الله في عونهم.

ولو لم يكن الرِباط العائلي مهم لما مدح الله من يهتم به بقوله (وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ) بل وحذّر سبحانه وتعالى من يحاول زرع فتنة القطيعة في العائلات والأقارب، واعتبرها من الفساد في الأرض بقوله (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ).


حكمة المقال


غريب أمرنا نبوح للغرباء الذين لا نعرفهم في الطرقات والمحطات! ونصحب من نعرف ومن لا نعرف.. ويمكننا أن نغفر للجميع سوى لمن له صِلة بنا! وإذا لقينا أهالينا أو أقاربنا زادت الشكوك! واشتعلت نار الفتنة! والتهبت الحساسية! وقطعنا حبل الله الذي أمرنا بوصله مهما كانت الظروف.


كتبه/ حمد عبدالعزيز الكنتي


 


 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله