البوصلة عندك!

 

تحصل الكثير من الأحداث في حياتنا، وقد نستغرب من بعضها! ونتساءل حول حدوثها؟ ونتعجب من حصولها في حياتنا! ونحاول أن نُخرج ذواتنا كالشعرة من العجين من كل هذا! وكأن مسؤولية حياتنا لا تعنينا! وكأننا لسنا معنيين بكل ما يحصل لنا في الوجود! وهذا هو عين الغفلة، وأصل الهروب، وحقيقة التنصل من أسباب ومسببات كل ذلك.

وفي حقيقة الأمر كلما نراه أماننا هو انعكاس لما في داخلنا كما يقول الله في القران (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فكلما نراه من خير أو شر يحصل لنا فهو بما كسبت أيدينا كما قال الله في القران (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ).

فحياتنا اليومية هي انعكاس لتفكيرنا كما يقول ستيفن كوفي (الأشياء تبتكر مرتين.. مرة في الذهن، ومرة في الواقع) ولذلك قال أحد الفلاسفة (أنا أفكر إذن أنا موجود) فهؤلاء وغيرهم يقصدون بهذه الأقوال والحكم تبيين خطورة تأثير نوايانا وأفكارنا وتصوراتنا الذهنية على مصير حياتنا.

فكما ترابط المسلمين وأصبحوا كالجسد الواحد فإن الانسان أيضاً مترابط، "فكما هو في الداخل كما هو في الخارج" وهو "كون بذاته" كما قال الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجه:

وتزعم أنك جرم صغير ... وفيك انطوى العالم الأكبر

وتلك المرأة التي جاءت غاضبة الى الطبيب وقالت له بأن الناس يعبسون في وجهها كل صباح! فأشار اليها بأن تبتسم عند ذهابها وعودتها من عملها، وفعلت، فكانت ردة الفعل أن ابتسم الجميع لها! وهذه القصة وغيرها تؤكد أن الناس والاقدار وكلما يحصل في حياتنا هو انعكاس لما في داخلنا.. وكلما صحننا نوايانا وغيّرنا صورنا الذهنية السلبية ووضعنا مكانها صور إيجابية كلما سارت بنا الحياة نحو الأفضل.

وهذا يؤكد أن *بوصلة الطريق فينا*، وبصيرة المسار تسكننا، وعلينا فقط أن نتجدد ونُجدد أعماقنا، ونصقل جوهرنا، ولا نُعلّق مشاكلنا وصعوبات حياتنا على أشياء أخرى، أشياء بعيدة عنا! ونضع الشماعة على الآخرين أو على الاقدار أو على أي شيء آخر ننزه من خلاله أنفسنا، ونهرب من أشياء نحن كنا السبب الأصيل فيها.

وهذا يتأتى بمواجهة ذواتنا والاعتراف بتقصيرنا، حتى ولو كانت أخطاء لا نعرفها، كما كان البعض يدعي ربه "بأن يغفر له الذنب الذي لا يعلم".

وبناء عليه فان علينا أن نعرف أن كل شيء يحصل في حياتنا لنا دور فيه، والحل في *وضع بوصلتنا على خارطة الحياة الصحيحة* بتصحيح النوايا وصقل النفس، ليربط الله على قلوبنا، ويدعمنا نحو تحقيق المستحيل، وحينها لن ينطبق علينا قوله تعالى (وَلَٰكِن كَرِهَ اللَّهُ انبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ).

حكمة المقال


في أعماقك ما يُحرّك حياتك.. وبحسب نواياك وإصرارك تسير حياتك نحو الأفضل أو الأسوأ!


كتبه/ حمد عبد العزيز الكنتي






 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله