استمتع بعملك لتنجزه بشغف



جميل أن تعمل بجد واجتهاد ، وتثابر في عملك لتعود آخر النهار مرهقاً بروعة ايجابية ، وقبل أن تضع ظهرك على الأرض تشعر بمتعة الإنجاز والامتنان لله على نعمة وجود العمل ، وهبة القدرة عليه فالكثير من الناس حولك يعيشون من دون عمل ، أو أنهم يعملون ولكنهم محرمون من لذة العمل وبركته .

وهنالك الكثير من الناس لا يحبون العمل ، ربما لأنهم لا يعون أهميته وحتمية وجوده بشكله العام ومعناه الواسع .. فأهمية العمل تكمن في قول النبي صلى الله عليه وسلم «إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها»، عجبا !! الساعة تقوم ، والعالم ينتهي ، ومع ذلك يؤكد النبي في هذا الحديث أهمية أن تعمل في كل الظروف لان عليك العمل ، ولا شأن لك بالنتائج .

فالمهم دائما هو أن تضع بصمتك لأنك بجانب العبادة وُجدت أيضاً لبناء الأرض، ومن بنائها العمل الدؤوب، والسير في مناكبها ، وطلب الرزق بالانتشار في أرجاء الكون ، كما قال الله في القران ( فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه ) والله يطالبنا بالعمل لكي نبني الأرض كما وضح ذلك حيننا قال ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) .

ونحن نلاحظ أن بعض الشباب اليوم يبحثون بكل الطرق عن أسباب تجعلهم يمتنعون عن العمل ويخلدون للراحة ! فهم يسعون بكل الطرق للغياب عن العمل ويخترعون تزوير الاعذار عن ذلك .

أو أنهم يقضون نصف دوام العمل ، والهروب من النصف الآخر ! أو أنهم يقضون نصف الوقت في الإفطار ، والنصف الآخر ينقسم بين النوم ، ومساعدة المُراجع ، وجلب الأطفال ظهرا من المدارس ! .. الى اخر ذلك من محاولات الهروب من العمل ! والتي تدل على غياب الشغف بالعمل ، وموت الإحساس بروعته ! وهذا مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه ( إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه ).

وعلينا أن نعي أن العمل شيء مهم، بل هو ضرورة من حاجات الحياة، فلا تستقيم الحياة بدونه، ولابد للإنسان منه ومن الركض خلفه، ولذلك فان عمر ابن الخطاب كان يطرد من مجلسه الشاب الذي لا يعمل ، وربما وبخه ، أو ضربه بالدرة.
واليوم مع زحمة الحياة لابد للإنسان ( أن يحب ما يعمل ، لا أن يعمل ما يحب ) كما تقول الحكمة المعروفة.

ففي ظل قلة الأعمال وارتفاع البطالة ، فقد لا يجد الشخص كل ما يريد من عمل ، ولذلك فان عليه أن يحب عمله كي يبدع فيه لأن " العقل الذي لا يستمتع لا يعمل بشكل جيد " ـ كما يقال ـ وحب الإنسان لعمله هو الذي سيجعله أكثر نشاطا وفاعلية .


وسبب عدم محبة الناس للعمل غالبا هي ضغوطاته ، فنجد ان كثير من الناس ارتكبوا عشرات القرارات الخاطئة في حياتهم تجاه الآخرين الأبرياء ، وعلقوا السبب على ضغط العمل ! .
وفي الحقيقة لا ينكر أي شخص فينا أن لكل عمل ضغوطاته ، ولكن كيف نفهم هذه الضغوطات ، ونسّيرها في الطريق السليم الذي لا يضرنا ، ويجعل دائما إنتاجيتنا في مسارها الصحيح .

بداية .. علينا أن نفصل بين ضغوطات العمل ، والضغوطات التي تأتينا خارج العمل ، لان هنالك من يأتي بضغوطات العمل إلى المنزل ، أو يأتي بضغوطات المنزل إلى العمل ، وهكذا يظل يئن تحت وطأة الضغط ، وما يلحق به من مشاعر سيئة ، وطاقات سلبية مقيتة ! .

وبما أن العمل يعد جزء لا يتجزأ من أساسيات الحياة ، وبناء الأمم والحضارات ، فلابد أن تصاحبه بعض التحديات ، من ضمنها مثلا : تحدي إثبات الذات ، وتحقيق الأمنيات ، والمنافسة من اجل تحقيق اكبر المكاسب ، والنجاح مع عدم خسران الصحة والعافية ، إلى آخر ذلك من تحديات ، وضرائب العمل الكثيرة .

وفي اعتقادي أن هنالك بعض الأشياء تزيد حرارة ضغوطات العمل ، منها أن يكون الشخص كمالي جدا ، بمعنى انه يخشى الخطأ كخوفه من الموت ، وهذا يخالف الطبيعة التي تقول : أن الخطأ يُعد جزء من الطبيعة البشرية .

ومنها أيضا أن يكون لديه مدير حاقد ، أو شديد الحزم ، فيتابعه على كل صغيرة وكبيرة ، وبالتالي يوقعه تحت ضغط كبير ، وهنا الحل أن يعمل هو بجهده الذي يتوافق مع وسعه ، ويترك الأمر لله الذي قال ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) .

ومنها أيضا أن يكون منزل الموظف بعيدا عن العمل ، وبالتالي يكون هنالك إرهاق طول المسافة ، وهنا على الموظف أن يحاول الذهاب مبكرا لكي لا تحصل له مشكلات مفاجئة في الطريق تجعله يأتي متأخرا تحت الضغط ، فيكون عمله مربكا ، وأداؤه سيئا ، وهذا سيشكل له خطر التخلي عنه من قبل إدارة العمل ، فيكون بذلك قلقا تجاه مستقبله الوظيفي .

وعلينا أن نعي أن لكل عمل ضغوطاته ، ولكن حينما يتقن الإنسان عمله ، ويتصل بربه ويدعوه أن ييسر له أعماله ، وان يجعله مباركا أينما كان ، فسيفتح الله له الأبواب ، ويلين له جانب كل مدير ، وييسر له الصعاب ، ويبعد عنه أعداء العمل وحساده ، ويقدّر له الخير في كل زمان ومكان ، ويجعل ذهنه صافيا خاليا من الضغوط والمكدرات ، ليؤدي عمله بكل يسر وسهولة فينجز بكل فعالية وإبداع .

حكمة المقال

إذا أحببت عملك فانه سيكون ممتع جدا وستخف عنك ضغوطاته وسيزول عنك بؤس 

روتينه وكما يقال ( من الجميل أن تحب ما تعمل ، لا أن تعمل ما تحب ) .



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله