الم المعرفة .. !


هل للمعرفة الم , وإن لم يكن موجودا فلماذا يصاحبنا إذن , ولماذا كلما تعلمنا نزداد ألما , وكلما تعلمنا نزداد جهلا , أسئلة تراودني دائما , ومشاعر تجتاحني كلما عرفت شيئا جديدا , ازداد ألما , وتتسع حيرتي أكثر حول هذا الكون العجيب .
وقد كنت أظن بأني وحدي من اشعر بذلك , حتى سمعت احد رواد الفضاء يقول كلما صعدت إلى الفضاء ورأيت الكون كلما زادت تساؤلاتي , وحتى قرأت لأحد المفكرين حكمة جميلة يقول فيها كلما تعلمت كلما ازددت علما بجهلي , وأما الشيء الذي أراحني جدا هو بيت الشعر الذي قاله الإمام الشافعي والذي يكتب بماء من ذهب
ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ..واخو الجهالة في الشقاوة ينعم
فعلمت حينها أن الأمر لا يخصني أنا فقط , وهو داء جميل يصيب القلوب الراكضة خلف المعرفة , وألم لذيذ يصاحب كل فكرة , وحالة شعورية تأتي في أثناء تلقي المعرفة , وكأنها ضريبة لابد أن تدفعها لتنال ما تريد , كالمرأة الحامل تتألم لكي تنجب خليفة الله في الأرض , وكالمزارع يشقى لكي يسعد عياله .
وقد تكون لهذا الألم أسباب أخرى , ربما منها رؤية المجتمع  الصغير الذي يدور حول ذلك المتعلم أو المعلم فيشعره بأنه غريبا , كما أورد الانجليز في مثلهم الرائع ( كيف تعرف الأفعى الزاحفة طموحات النسر المحلق ) وكما قال الصينيون في مثلهم الجميل ( كيف يعرف السنونو طموحات الإوز ) فيشعر حينها الإنسان بأنه وحيدا في عالم لا يعبأ به , ولسان حاله ( فطوبى للغرباء )
فأهلا بالألم إذا كانت تصاحبه معرفة , وأهلا بها إن صاحبها الم , فألمها لذة , لأنها سر اكتشافاتنا في الكون , ومكمن ارتقائنا , وعالم جميل يزيدنا تألقا وجمالا ورفعة وبهاء .
يقول الإمام الشافعي :
ومن لم يذق ذل التعلم ساعة تجرع ذل الجهل طول حياته

ومن فاته التعليم وقت شبابه فكبر عليه 

أربعا لوفاته


كتبه : حمد عبد العزيز الكنتي .   19-12-1434

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله