سعيد وسقوط الاجنحة



سعيد شاب كان يعتقد بأن يكون له من أسمه نصيب ولكن هيهات هيهات
لا تظنوا بأني متشائم كلا فالوضع الدائر حوله يتشكل من التعب ويتلون ببقايا أصناف الالم .
فالشباب الذين في سنه غادروه نحو الحياة الاخرى وظل هو قابعا عند العتبة الاولى التي تغتشها طبقات الغبار المتتابعة حتى أصبحت تشكل جزاء ثابتا من ماهيتها.
حقيقة لا تسر يحاول سعيد ان يخفيها خلف الكثير من وجوم تلك الضحكات المتعالية التي تتبدد في الفضاء وكأنه دخان سيجارة سافرة تبدد في عمق الفضاء مخلفا خلفه المزيد من الاعباء والكثير من العناء..
هكذا يصر الوهم على ارتكاب أشد انواع الحماقات تجاه تلك الروح الطاهرة التي تنبض في قلب سعيد ويستنشق بها عبق الحياة الهانئة.
وتجد سعيد يتوسط استدارة ذالك المجلس الضاحك وعيناه تبرقان حيرة وتلمعان تيها.
وفي تلك اللحظات تدور في بؤبؤة عينه زيف الماضي وشتات الحاضر وغموض المستقبل  .
فتجده يرنوا إلى المدى هاربا من ذاته إلى بقايا رفات الحياة التي تنبض من حوله.
مرتشفا رشفة هانئة من كوب مزخرف أنيق وكأنه وفي استدارته تلك يقول له وهبتني الحياة اكثر منك.
ويرى سعيد في استدارة ذالك الكأس البهيئ الامع انعكاس خيانات البشر
في عيونهم الزائغة, ويقتبس من استدارته,
دوران الدنيا وعدم ثباتها على حال, وانعكاسها الدائم تجاه من هم فيها..
ويرى في تلك الوجوه تباين غريب يتراوح بين البهيمية وبقايا الإنسانية الراحلة من تلك القلوب.
سعيد ليس ثائرا كما يتوهمه البعض ويحاربونه بزيف العبارات ونفاق الخطابات
فسعيد شاب يافع لا يريد ان يفوته قطار الحياة الحقيقية وإنما يريد حقه في الحياة بدون تطفيف ولانقاصان.
والناس من حوله يصحون في المنام وتخالهم الحياة فينامون مجددا على آرائك من خطيئة ووسائد من ضعف وتنكيل وعدوان.
فالإيمان يملأ قلب سعيد فأنى له الخذلان .
هكذا حال سعيد يبدأ يومه بكسرة الحياة وينهيه  ببقايا امل كان قد اقتبسه من مساء المعرفة وضحى الفضيلة .
فتجده يقرأ رواية(البؤساء) على ضوء خافت يخالف الحقيقة احيانا من شدة اضطرابه
وكأن فيكتور هوجو يتحدث عن حقيقته المرة ومعاناته المستمرة
وصرخاته الوجدانية الصامتة.
آه منك ياهوجوا  قلبت المواجع على سعيد,!ولكنك بالتأكيد خففت عنه الكثير مما يعاني فأنت عززت من ذاته وقويت من حاله ودعمت عتبت حياته.
من يتأمل حال سعيد يجده دائم الفكر متوهج العطاء يانع بالحب
هكذا الكادحون دائما, تظل الحياة تصليهم ويظلون هم عناوين ثابتة للضحك والتضحية والعطاء, وملجأ حي للسعادة والشهامة والنقاء.
وكأنهم يقولون للحياة إفعلي بنا ما تشائين فنحن هنا وسنظل رموزا صادقة للصبر الضاحك وللأمل الباسم ولن تنالي شيئا ايتها الحياة التعيسة!
اكبر مشكلة تواجه سعيد هي إشكالية تعطيل مكامن الإنسان وإذابة مخرجاته ولم يبقى لهم إلا ان يجهزوا عليه ويبقى قصة منسية .
وهذه المعضلة هي التي تؤرق مضجع سعيد والحل فيها ليس بعيد,
فمن المؤسف جدا ان يسلب الإنسان أهم مقوماته للحياة من الحريات والاعمال المباحة ومن ثم نأتي لنطالبه بإن يكون شيئا مذكورا وتلك خيانة كبرى
وتساقط ماجن بحق سعيد ومن هم على شاكلته.
وهذه هي القضية الفاصلة التي ينبض بها قلب سعيد وتقاسمه يومه متغلغلة إلى أعمق تفاصيل حياته
وبلا شك فإن المتأمل في واقع سعيد يجده مسلوب المعنى مغًيب اللب ويستحيل في حقه السكنى
وتجد بأن الحقيقة تلبس ثياب الوهم وتغطى بكفن الكذب لتظهر امام الملأ وكأنها راقصة قبيحة شمطاء تصفق بيديها لمن هم دون ذلك بكثير!!
وتجد الشعب البائس يشاركها السقوط في الليلة التعيسة.
ويحل الفجر الباسم على شمس سعيد المشرقة
بعد اعوام من الكسوف
المقيت
ليفتتح صفحة جديدة مع هذه الحياة المتجددة.
1433/4/10

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله