حواري مع الكاتبة هيفاء صفوق #حمد_الكنتي
تم نشر الحوار في صحيفة مكة عام 2014
في هذه الامسية الجميلة نلتقي برمز القلم وعنوان الامل ، نلتقي بكاتبة سعودية فتية رائعة ، تكتب بروح انسانية ، تحاكي فكر الانسان وتضرب كلماتها الرنانة في عمق الجنان .. انها وببساطة هيفاء صفوق اقدمها هكذا دون القاب لأنها سيدة التواضع وسفيرة القلم ، فهيا معا نتعرف عليها عن قرب ، ونتأمل جواهرها الغنية وحديثها البراق في هذه الزاوية الثقافية .
المحور الشخصي :
1-هيفاء صفوق كيف تقدمين نفسك للقارئ ؟
*إنسانة بسيطة جداً , أعشق العفوية والتلقائية , ضد النمطية والجمود , أحاول أن ينعكس كل ما هو بداخلي للخارج ليخفف ثقل الداخل , لدي أسئلة كثيرة وتأملات عديدة في الحياة , أحاول أن أزرع فرحة لقلبي ولكل من حولي , لا أجد هناك فرق بيني وبين الآخرين , أشعر أننا نسيج واحد , وروح واحده رغم كل الاختلافات الموجودة , أحاول أن أعود قلبي على المحبة والحب والتسامح قدر ما أستطيع , أعشق والدتي بجنون فهي صاحبة الحرف الأول . حياتي هي أولادي . تعلمت أن الحياة رسالة وعلينا واجب هو إتقان هذه الرسالة لكي ننجح ونسعد .
2-في طفولتك هل كنت متميزة في مادة التعبير ؟
*لم أكن متميزة . بل كنت أعبر غير الذي يطلب مني , كنت أسرح بالكلمات للبعيد بعفوية الطفولة , وكانت أخطائي الإملائية عديدة أتذكر خطوطها الحمراء إلى اليوم .
3-متى تفجرت فيك موهبة الكتابة ؟
*في عمر 14 سنة كتبت أول خاطرة باسم ( طيوري المهاجرة ) ونُشرت في إحدى الصحف المحلية , وبعدها كنت أدون جميع الخواطر في دفتر خاص فيني , لا يشاهده غير أمي , كنت أشاهد الفرحة بعينيها , فهي ملهمتي , خلال هذه الفترة أدمنت كتب (نزار القباني ) كتبه بلقيس , ويوميات امرأة , وكتاب الحب .
4-هل كنت تتوقعين ذات يوم بأنك ستكونين كاتبة ؟
*نعم . هو إلهام يأتي ويذهب , قلم الرصاص لم يفارقني أبدا منذ عرفت نفسي في تلك السن الصغيره .
5-متى يغشاك مخاض الكتابة ؟
*لا وقت محدد لدي . الحروف والكلمات تكتبني لا أكتبها , ولا أتصنعها , ولا أجبرها , تأتي كنهر دون استئذان , تلهمني المواقف المؤلمة وغموض الإنسان وملامح الشجر والطير والبحر , يلهمني ضعف وقوة الإنسان , فيسير القلم بروح الأمل .
6-أيهما اسهل لديك كتابة المقال ام الخاطرة ؟
*الخاطره أسهل وأسرع فهي تسقط عليك كإلهام يفرض وجوده وكيانه لا يعطيك فرصة غير أن تدونه على صفحاتك ,لا تجامل ولا تخدع , بل أحياناً تعري داخلك أمامك وجها لوجه , حينها تكون مجبر أن يبوح القلب وأن يكتب القلم , فهي خاطرة , خاطفه , هافته .
7-أيهما يسبق لديك هل هو العنوان ام المقال ؟
*الفكرة والإحساس فيها والعيش معها , وإلا كيف يُكتب المقال ؟
8-هل تشكل لك الكتابة متنفسا ام انها رفاهية فقط ؟
*الكتابة روح متجسدة بالحرف والمفردة والعبارة , وقبل كل ذلك شعور وإحساس تترجمه الكلمات , فهي روح الكاتب وأحاسيسه وفكره . لم تكن يوما رفاهية , لأنها لو كانت رفاهية فلن ينتهي النهار إلا وقد رحلت بلا رجعة .
9-لماذا تكتبين .. لماذا تمسكين بالقلم .. ما هو الهدف من كل ذلك ؟
*في مراهقتي كان صوتي يبوح بما يشعر به بتلقائية وعفوية . وفي نضجي عرفت قيمة القلم , فهو الصديق والقريب والطبيب والمستمع والمطيع , والوسيلة والاتصال .
-كل منا يبرع في جانب خاص به يبث من خلاله رسالته وهدفه وسعيه وجهده , هناك قانون الأخذ والعطاء , عندما تأخذ لابد أن تعطي , وكل فرد في مجاله وقدرته .
-هدفي . أخذت عهدا على نفسي مساعدتها ومساعدة الآخر , الخروج من حالة الضعف والاستسلام والانهزام والصراع الداخلي , ومحاولة بث روح الأمل والإصرار والعزيمة في تجاوز العديد من أمور حياتنا التي تعتبر أحيانا عائق لنا , هذا باختصار شديد .
-ومحاولة لفت الانتباه للتركيز أكثر على ذواتنا وداخلنا ,وما نمتلكه من جواهر وقدرات عظيمة لا تقدر بثمن , أضعنا بعض منها في الماديات وتجاهلنا الجوانب الروحية والذاتية .
10-هل حددت مسارك في الكتابة ؟
*مساري في الكتابة إنساني اجتماعي . أحب الغوص في أعماق الذات الإنسانية , يجعلني أتعمق في معرفة قوة وضعف الإنسان ويثير لدي الأسئلة العديدة ,ما هي السعادة ؟ كيف الوصول لها ؟ عن ماذا يبحث الإنسان ؟ كيف يكون جلد الذات ؟ لماذا العدوانية وروح الشر ؟ ما هو جوهر الإنسان ؟ هل نحن نعرف ذواتنا أم نعيش الغربة وندعي المعرفة ؟ . و بسبب عملي كأخصائية اجتماعية ومشاركة الآخرين همومهم وأوجاعهم , يغلب أحياناً الطابع الاجتماعي . . .لا أجيد السياسة . فقط متأملة للأوضاع التي يعيشها العالم , فهو الصراع الأزلي بين الخير والشر , بين القوة والضعف , بين السلطة والأفراد .
11-تأملت مقالاتك فوجدتها تتراوح بين مشاكل اجتماعية ولكنها في الآونة الاخيرة كأني لمحت فيها بصمة الطريق الى الحكمة عليك .. فهل فعلا اثر على قلمك وفكرك الطريق الى الحكمة ؟
*الطريق الى الحكمة . . هو جوهر كل العظماء والباحثين عن الحقيقة .
كل البشر يسيرون على الطريق هناك الباحث والمستنير والعالم , وهناك من يحاول أن يفهم ويتفهم , يأخذ ويعطي , يحب ويسامح , وهناك الهائم التائه , وهناك المعمي من فقد بصره نهائياً , الطريق هو الحياة , والحكمة هي النور .
12-هل تؤمنين بالكتابة الساخرة ؟
*لا تستهويني نهائيا لا من قريب ولا من بعيد , لكن يضل كل إنسان له حريته في الاختيار حسب ميوله ورغباته . .
13-مقال قريب الى قلبك ؟
دائرة الألم . .
المناضل
14-مقال ندمت على كتابته ؟
*لم أندم على أي حرف , كل شيء كُتب في مرحلته ووقته , هكذا ظهر فلماذا الندم , أنا ضد الندم ,( الندم لا يعمر داراً ولا يصنع إنساناً ) . إن كان هناك قصور فكلنا نتعلم بأن نكون أفضل وأحسن .
المحور العام :
15-ما هو رأيك في الرأي السعودي هل تلامس اقلامهم هموم الناس ؟
*نعم يلامس هموم الناس , فهناك كتاب لهم بصمة قوية في إظهار مواطن الضعف والقصور وماذا يحتاج المواطنين بطريقة واعية ومتحضرة وإنسانية , , وأيضا هناك من يصطاد في الماء العكر بطريقة استفزازية لا تعالج هموم الناس بل تزرع الفرقة والضجيج والعدوانية دون هدف ولا دراية .
16-ما هو رأيك في الكاتب الذي لا يمضي في خط معين وانما يمضي على سُنة ( ما يطلبه المستمعون ) فهو يترنح هنا وهناك في كل وقت وحين ؟
*لا أعلم . . لكن على الكاتب أن يكون صاحب هدف ورسالة وليس تعبئة الصفحات بالكلمات .
17-هل لابد للكاتب ان يكون صحيفا في الاصل ؟
حسب ما أعتقد لا . . لكن الأهم أن يكون صادق فيما يكتب , صاحب قيم ومبادئ لا تتغير ولا تتلون
18--هل لابد للكاتب ان يكون متابعا للوضع العام ام لا (كخالص جلبي مثلا ) ؟
لابد أن يطلع على الوضع العام وغيره أيضاً , المعرفة متنوعة إن كانت معرفة في قضايا المجتمع من الناحية الاجتماعية , أو الاقتصادية , أو السياسية , ولكل كاتب براعته في كتابة ما يشعر به وما يتعمق فيه , هناك كتاب برعوا في المقالات السياسية , وكتاب برعوا في المقالات الاجتماعية , وهناك كتاب برعوا في المقالات التاريخية والثقافية .
لست في مقام الأستاذ خالص جلبي لكي أقيمه , فهو أستاذ مفكر متجاوز عصره .
19-هل يوجد كتاب مرتزقة كما يشاع ؟
في كل زمان ومكان موجودون , لا يوجد كمال مطلق .
20-متى يبيع الكاتب ضميره برأيك ؟
الإنسان الحقيقي , والكاتب الحقيقي صاحب القيم والمبادئ لا يبيع ضميره وإن ضاقت به السبل .
21-يقال ان اليوم الناس لم تعد تقرأ المقالات فهل هذا صحيح ؟
يقال : لا أعلم
لكن أشاهد الناس تبحث عن الكلمة الصادقة التي تشعر بوجعهم وهمومهم .
22-هل تفضلين مقال 500 كلمة ام مقال 250 كلمة وايهما افضل للقارئ ؟
مقالاتي تفوق 500 كلمة وليس الهدف الإطالة , يعتمد على الموضوع , فهناك مواضيع تحتاج إلى التحليل والشرح أو المقارنة .
23-هل توجد في الاعلام وساطات والدليل اننا نرى كتابا في الصحف لا يصلح ان يكتبون اطلاقا .. ربما طالب في مادة التعبير افضل منهم ؟
-الواسطة موجودة في كل زمن , المهم من يستطيع أن يضع له بصمة حقيقية وهدف ورسالة , الواسطة لا تدوم، سرعان ما ينتهي مفعولها وخاصة في مجال الكتابة , لأن لديك قرّاء لا يجاملون ولا يكذبون .
24-كلمة اخيرة تتحفينا بها ؟
الحياة رسالة وهدف يسعى كل فرد فينا لتحقيقهما, , لكن للأسف في عصرنا الحالي طغت الماديات والسطحية والصراعات التي تدور في حلقة مفرغة , لا تجلب غير الصراع والفرقة , جعلت الإنسان ينسى أو يتجاهل دوره الحقيقي على الأرض وهو بث السلام والمحبة والعطاء والتسامح , علينا أن نبحث في داخلنا وأعماقنا ونستشعر تلك المحبة الصادقة والنور المختبئ في الأعماق , لا نحقد , لا نغضب , لا نكره , نعمل ونسعى ونتحمل مسؤولية اختياراتنا نحن , ولا نكون الجلاد والقاضي على الآخرين , لكل إنسان حريته يتحمل هذه المسؤولية وسيسأل عنها يوم ما .
حوارها : حمد عبد العزيز الكنتي
تعليقات
إرسال تعليق