كتاب الرمال

كتاب الرمال
قبل احتدام شعلة التقنية في هذا العالم الواسع ، كانت هنالك دراما موحدة وقاصرة على الشاشات الرئيسية ، وتناقش مواضيع متكررة وتتعاطى مع أفكار ضيقة ، وتمضي لتشكل فكرا واحدا لا يسمح للآخر بمشاركته .
واليوم ومع قدوم التقنية والتطور جاءتنا هبة السماء اليويتوب ليكون منفذا كبيرا للكثير من المبدعين وليساهم وبقوة في إخراج الدراما من إطارها الضيق إلى باحات واسعة جعلت الجميع يعبر بطريقته الخاصة ، في تنوع جميل يجعل الإنسان أمام الآلاف الخيارات بعد أن كان محتم عليه خيار واحد .
وكان من نتاج هذه الدراما المتنوعة والجميلة والهادفة ، (فيلم كتاب الرمال ) وهو من أروع الأفلام اليوتوبية التي شاهدتها في حياتي ، فهو يتعاطى مع القراءة بطريقة جميلة ، وبأسلوب موسيقي ساحر ، وبنغم آسر يتجسد في صوت خالد اليحيا ، وبطولة رائعة تجسدت في أنطوان كرباج وسيناريو رائع من إبداع عبد الله آل عياف ،
وإخراج جميل ومذهل من إبداع بدر الحمود .
اجتمعوا هؤلاء فقط ليقدموا لنا إبداع جميل يصف القراءة بأنها هي الحياة فحينما يسرد خالد اليحيا في بداية الفيلم مقولة الجاحظ عن الكتاب  (الكتاب هو الجليس الذي لا يطريك، والصديق الذي لا يغريك، والرفيق الذي لا يملّك، والجار الذي لا يستطيبك، والصاحب الذي لا يريد استخراج ما عندك بالملق، والكتاب هو الذي إن نظرت فيه أطال إمتاعك وشحذ طباعك وبسط لسانك وجوّد بنانك وفخّم ألفاظك ومن لك بشيء يجمع الأول والآخر والناقص والوافي والشاهد والغائب والرفيع والوضيع ، ومن لك بمؤنس لا ينام إلا بنومك ولا ينطق إلا بما تهوى ) وصيغت هذه المقدمة مصاحبة بموسيقى هادئة تشحذ النفس أكثر .. وتجعلها منسجمة مع النص بشكل أفضل وأبهى وأكمل .
ويصف هذا الفيلم القصة ( بأنها تعيد  تشكيل خيال البشر وتعزز قيمهم الأخلاقية ، وتهبهم عالما مسالما يأمنون من الخوف والهلع
هي طقس يفصلنا عن الحياة اليومية ، القصة تمرين خيالي يحطم حواجز المكان والزمان ، تغزوا وجودنا وتغيره للأبد ، ترفه عن مشوشي التفكير ، وتشوش على أولائك  الذين ظنوا أن تفكيرهم مجرد رفاهية )
ومما لفت نظري هو السفر البعيد في هذا الفيلم بين ثقافات العالم ، والخلفيات التصورية الرائعة ، حيث سافروا بنا في هذا الفيلم الخارق إلى شتى أصقاع الأرض من الأرجنتين حتى الصين ،
وخاضوا بنا في أعماق كل الأديان ، وتراث كل الحضارات ، بطريقة متسلسلة  رائعة ، مصحوبة بصوت مؤثر جدا يضرب في أنحاء الوجدان ، ويضفي جمالا وروعة على صمت الجِنان .
وفي أثناء الفيلم أيضا يذكر سبب تسميته بكتاب الرمال ، ( لان الرمال والكتاب لا مبتدأ لهما ولا منتهى) ، ويختتم الفيلم بختام رائع ، حينما يقول ( أنا دخلت الكون الذي تسموه انتم المكتبة ) .
حكمة فيلم كتاب الرمال
(القصة هي وظيفة تنكرية تساعد الإنسان على التنكر أكثر في هذه الحياة )

رابط الفيلم على اليويتيوب



كتبه : حمد عبد العزيز الكنتي 2-12-2013

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله