الموت ليس وحده هادم اللذات!

 

عندما نفتح باب الجانب المظلم في الحياة نكتشف أن هناك أشياء كثيرة غير الموت يمكنها أن تهدم اللذات! وتجعل الضحكات تقف وسط الحلق! وتسهم في تيّبس الشفايف التي من هول ما ترى لم يعد يعرف لها الضحك طريقاً.

عندما ترى البنت تأتي والفرح يملؤها بهجة وحياة لتبدأ في الحديث عن شيء من أحلامها أو بعض إنجازاتها، فتُواجه باللوم! وتجابه بتكسير المجاديف والكثير من التحطيم! ليتحول فرحها الى بكاء، وتتحول بهجتها الى حزن لا تستطيع انتشاله في وقت قصير.. فهنا يُمكننا ان نقول الموت ليس وحده هادم اللذات!

وعندما نرى الشاب يحكي لبعض أقاربه عن شيء من يومياته أو يشاركهم شيء من بهجة حياته، والضحكة تكاد أن تُقسم وجهه الى أجزاء من توهجها.. ثم تكبح جِماحه مُداخلة مُرعبة، ويَظهر في الفضاء صوت ضال يُجلجل بكلمات مليئة بالتحطيم والبخس والتنقيص!! ليتحول الوهج الى برودة مُرعبة، وتتحوّل كل لحظات صخب الفرح الى صمت مخيف، وينطفئ الوهج في أعماقه! وعندها نتأكد أننا ظلمنا الموت بهذا الاتهام الذي لا يقوم به لوحده.

والأمر لا يرتبط بالشباب والشابات فكل الأعمار من كلا الجنسين تحتاج أـن تروي حكاياتها، وتُعبّر عن إنجازاتها التي قد يراها البعض حقيرة إلا أنها تعني لهم معاني كبيرة، فيمكننا حينها أن نستمع لهم والشغف يكاد أن يخرج من عيوننا.. فنحن صداهم اليوم وهم ملتقى بوحنا في الغد، وفي مجمل الأمر بالصوت والصدى علينا أن "نقول خيراً أو نصمت".

وعلينا أن نتصدق بالكلمة الطيبة فليست عليها رسوم جمركية، وعلينا أن نقول للناس حسناً، ونتصدق بالكلام الحسن، ونتبرع بالتشجيع المستمر.. فنحن بهذه الكلمات القليلة نترك في الناس أثراً لا يمكن استيعابه أو نسيانه، فالكلمة الطيبة تقع في القلوب موقع السحر، وتلامس الافئدة وكأنها بلسم يُداوي القروح، ويُلملم الجروح.


حكمة المقال


يمكننا أن نقول للناس الكلمة التي تبني ولا تهدم، التي تبث فيهم في طاقة يبنون بها الحاضر ويصنعون بها المستقبل.. وهذا سينعكس إيجابا علينا وعلى الحياة لتبقى خضراء نضرة.

ولكننا إذا تحولنا الى وحوش نقتل بكلماتنا المرعبة كل جميل في الناس! ونعُيق بعباراتنا المسيئة كل طموح عند البشر، فإننا سنصبح شُركاء للموت في هدم اللذات! وسنحوّل حياتنا الى غابة تسكنها طِينية بشرية، ويعمها الظلام الصامت.


كتبه/ حمد عبد العزيز الكنتي

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

رثاء عن الراحل معيض سعدون العتيبي رحمه الله

قصتي مع مرض السكر! #حمد_الكنتي

ملامح من حياة المرحوم الشيخ احمد اباتي رحمه الله