انسجام المبررات ! #حمد_الكنتي
يا للغرابة ..! كلما فكرت في شيء
جاءتني المبررات من كل حدب وصوب تؤيدني في فعله ، وتدعمني لكي أقوم به !
تقرر فجأة أن تذهب إلى البحر لكي تقوم
بالسباحة ، فتأتيك المبررات سريعا قائلة لك ( ما أجمل السباحة ، وما أحلى فوائدها
على الجسم ... ) وتواصل المبررات تدفقها حتى تقنعك بالذهاب إلى البحر ، رغم أن
الجو بارد جدا ..!
تهم بالنوم في ليالي العمل لكي تستيقظ
مبكرا ، فيتصل بك صديق يريد منك مرافقته إلى بعض اللهو . فتاتيك المبررات سريعا
قائلة لك ( ستلحق النوم فهو لن يطير ، ما أجمل السهر مع الأصدقاء ، هذه فرصة لا
تفوت ، خصوصا أن صديقك فلان قد يسافر بعد أيام ) وهكذا تتوالى المبررات حتى تقنعك
لتقوم من فراشك ، وتجدك في سهرة لا تنقضي حتى الفجر .
تضرب أخوك الصغير ظلما وعدوانا ، فتقول
لك مبرراتك الآثمة مباشرة ( لا تقلق هو يستحق هذا العقاب ، وضربك له سيساهم في
بقاء احترامه لك ! )
ترى نفسك في لحظة ما بدينا وممتلئا ،
فتجيبك المبررات الكاذبة بقولها ( أنت نحيل ، وجسدك لا يزال صغيرا ، وانظر هنالك
ستجد من هو أكثر وزنا منك وسعيدا في حياته ..! )
تحاول الاستيقاظ لصلاة الفجر ، فتقول
لك المبررات الأمارة بالسوء ( إن استيقظت للصلاة فلن تذهب إلى العمل ، لأنه سيتغير
برنامج نومك ، وستتضرر حياتك ! )
وهكذا دواليك ستظل المبررات توحي لنا
بان كل أفعالنا حسنة ، وحتى وان أزعجنا الضمير ، فإنها ستزخرف كل لحظات العتاب ،
وستحول سياط الضمير إلى زهور من المحبة ، لتشعرنا ولو للحظة أننا على صواب دائما ،
وان كل اختياراتنا حسنة ، وتليق بنا ، ولمصلحتنا .
يا تُرى ..! إلى متى ستظل المبررات
منسجمة مع الأنا التي فينا كما يقول المبدع د وليد فتيحي .
يا تُرى ..! هل هذه المبررات حبة مهدئة
، تجعل مزاجنا عاليا ومنعشا تجاه كل أفعالنا ، حتى ولو كانت خاطئة فستجملها
المبررات ، وستجعلها فضيلة سامية ، وسجية فاضلة .
هذه المبررات التي تزين كل أفعالنا ،
هي رفيقة للانا التي فينا كما يقول د وليد فتيحي : ( والحل في طمسها أو تخفيفها
يكمن في مواجهة ذواتنا والاعتراف بأخطائنا ، وعدم تصديق كل المبررات التي نادرا ما
تكون في مصلحتنا ، خصوصا إذا كنا بعيدين كل البعد عن ذواتنا الحقيقية ) .
كتبه/
حمد عبدالعزيز الكنتي 2015
تعليقات
إرسال تعليق