المشاركات

في صالون د أدي آدب كانت لنا أيام #حمد_الكنتي

صورة
جمعتني الصدفة المحضة بالدكتور الشاعر الكبير أدي ول آدبه الكنتي وكانت من أجمل الصدف أن تكرم عليّ سعادته وأسكنني في منزله لأكثر من عام كامل، كأطول ضيف في التاريخ! أو هكذا أتوقع. فقد شملتني رعايته على كافة الأصعدة بكرم مغدق، وفضل واسع، وعطاء متعدد الاتجاهات والمجالات.. فكان يعطيني من ماله أجمل العطايا، وكان يمنحني من خبراته أفضل الهبات والهدايا، وكان يختصر لي بفكره وعقله وقلبه وتجربته الكثير من الزمن. وكوني كنت ضيفه في منزله العامر فقد ساعدني ذلك على الاستفادة منه من خلال جلساتنا اليومية معه في صالونه الفكري، وبوتقته الشعرية الجميلة، فقد تعرفت في ذلك الصالون الأدبي والفكري الذي عشت فيه لأكثر من عام على الدائم الدكتور أدي الكنتي سيد الفضل وأمير السخاء ووجه الكرم وعنوان البذل وصاحب اليد العليا دائماً وابداً. ففضله يعم الجميع في كل لحظة، وكرمه معمم على الكل في كل حين، والطلبات تتواتر طوال الساعة على جواله من كل المدن والدول والأماكن، فيعطي من خلال استجابته الدائمة لها الأغنياء والفقراء، ويمنح الأقارب والغرباء، فهو كل يوم في شأن مع الجميع، فسعادته تكمن في العطاء، وإذا مرّ يوم ولم يمنح ا...

الجريمة التي لم يرتكبها صاحبها!

صورة
يُظهر الكثير منا وقاره الجميل وجانبه المُشرق حينما يسمع أن فلان قد اقترف ذنباً، أو وقع في جريمة، أو زلت به قدمه! فيقول بصوت واحد حينها إذا أراد تلطيف العبارة: (الله لا يبلانا- اللهم لا شماته- هداه الله)! وغيرها من العبارات -البسيطة مثل هذه، أو المُغلظة التي ربما لا استطيع ذكر نماذج منها- التي تُعطيه مساحة يدخل فيها الى عالم الفضيلة! وتُغذي فيه الأنا المُتضخمة! وتُشعره أيضاً بأنه قد وضع إحدى قدميه في الجنة! وانطلاقاً من قوله تعالى في سورة الروم (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) فالكثير منا شاءوا أم أبوا هُم شُركاء في ذلك، فعندما يقوم أحد الأبوين بتحطيم أبنه والتقليل منه! فهو شريك في جميع التبعات المُترتبة على ذلك، وذات الأمر ينطبق على الأم حينما تكيل لبنتها الكثير من الكلمات السيئة والعبارات القاتلة فهي أيضاً ستكون شريكة في النتائج اللاحقة! ونفس الأمر ينطبق على المُدرس، وعلى كل من يُحيط بحياة الأبناء والبنات خصوصاً في مراحل الطفولة والمراهقة المراحل الحساسة، والتي إما أن تُبنى فيها شخصية الانسان بشكل صلب، أو تُهدم وتُصبح هشة، وقد يستعيد الا...

حيرة الماء!

صورة
يتهافت العالم اليوم بسبب هيمنة الرأس مالية الى محاولة التقليل بأي طريقة كانت من مؤسسة الزواج! وأنها بيئة مليئة بالتكاليف المالية واعباءها المرهقة! وعامرة بالتحكم والمشاكل والسيطرة! وللأسف أن هذه الأفكار انتقلت الى المجتمع فأصبح الكثير من الشباب يعزفون عن الزواج بدعوى الخوف من تبعات المسؤولية، والمصاريف المالية! وأصبح أيضاً الكثير من الفتيات يصرفن النظر عن التفكير في الارتباط حُباً في الاستقلالية، وخوفاً من تسلط الرجل عليهن ومنعهن من تحقيق أهدافهن وحتى الزوجين أنفسهم هم أيضاً شُركاء في بناء هذه الصور الذهنية السلبية عن مؤسسة الزواج، وذلك من خلال إظهار السلبيات فقط! واخفاء ايجابيات الزواج وروائعه المؤنسة وجمالياته الرائعة، علتهم في ذلك الخوف من العين والحسد! وساهمت أيضاً أرقام الطلاق والخُلع المتزايدة في المحاكم في توجس الكثير من الشباب والفتيات في الإقدام على دخول القفص الذهبي الجميل. ولم تنتهي الأسباب عند ذلك إذ تُساهم الأفلام والمسلسلات التي نراها في الشاشات أو حتى في نت فليكس والتي تُسوق على أهمية الحرية، وتُظهر بيئة الزواج على أنها مليئة بالمشاكل والخيانة والصراع والكبت والق...

غواية الحيرة والضياع!

صورة
منذ الأزل وقفنا أمام العديد من الأبواب التي كانت تتفاوت بين السماح والمنع! ثم استمرت مع الأيام تُفتح أكثر فأكثر، حتى ضاقت أطراف الكرة الأرضية، وتقاربت مسافاتها شيئاً فشيئاً حتى أصبح العالم قرية صغيرة، جعلت دائرة القرارات تضيق من الجمع الى الفرد، وتُختصر من الجماعة الى الانسان الذي أصبح يعيش وحيداً في زحمة العوالم التي يراها في كل لحظة! والتي تبني فيه صوراً ذهنية وتهدم أخرى في ذات الوقت! وترسم له البهجة تارة، وتارة أخرى تُغرقه في بحار الحيرة خصوصاً عندما يدلف الى ساحة صراع الشهوة والشبهة، فيدخل في معارك مع نفسه يحتاج الى وقت لكي يفك شفرات أسرارها! ويُشبع فُضوله من خفايا هذا العالم! وحينما يُكشف عنه غِطاء الأسئلة، وينقشع عنه ضَباب التساؤلات يجد نفسه في قفص التحديات التي تظهر في اختبارات كبح جِماح غرائزه، والتي عليه أن يضغط فيها زر إيقاف أهوائه -التي تقول له: لا تنفُر في الحر!-  إن أراد الحصول على الهدايا لاحقاً. وإذا آمن عرف بأن أي خطوة نحو الغواية الخاطئة ستجعله يتقهقر ملايين الخطوات في آخر الحياة، وستسبب له بفقد الكثير من الهبات والمُميزات المادية والمعنوية، وكلما تمادى في ال...

الخير الذي يَغمُرك

صورة
من الطبيعي أن يتأثر البشر بالتقلُبات الاقتصادية كالبطالة وارتفاع الأسعار ومتطلبات الحياة، ولكن من غير الطبيعي أن يفتحوا للتشاؤم قلوبهم! ويتركوا أبواب شخصياتهم ونوافذ ذواتهم مُشرعة أمام ضبابية النظرة السوداء للحياة! لو فكر كل واحد منا بالخير الوفير الذي يغمره والعوالم التي تعمل بانسجام في عمق أعماق جسده دون أمر منه سواء كان ذلك أثناء يقظته أو منامه لما تشاءم ولو لدقيقة واحدة. فمن المفترض أن الكرم الذي أغدقه به ربه - وهو في بطن أمه، ثم توالت عناية الله تغشاه في طفولته رزقاً ولطفاً وتسخيراً وعناية حتى كبُر وألطاف الله تترى عليه- يجعله يُغلق نوافذ التشاؤم ويفتح أبواب التفاؤل على مصراعيها. هذا وأمثاله يدخل لهم الشيطان من مليون مدخل! ومنها: الخوف من الصدمة، والنظر لما في أيدي الآخرين، والكسل عن القيام بأي شيء! وغيرها من المُعتقدات التي يظن صاحبها أنه فتح أبواب الغيب وعرف مصيره فيظل مُتقوقعاً في الدرك الأسفل من عوالم لا تمُتّ للحياة بشيء. قبل أن تتشاءم تذكر الخير الذي يغمرك، تحسس نبضات قلبك، راقب انفاسك وهي تتغلغل في أعماقك، تخيّل الدم وهو ينتشر في كل أرجائك دون أمر منك، تفكر في أعضاء...

الفن التائِه في الملامح

صورة
تُسافر بنا الفنون نحو آفاق لا تنتهي، وتُمسك بالجانب الضائع فينا لتأخذنا الى عوالمها البهيجة مساهمة بذلك في إعادة تشكيل الجوانب المبعثرة في أعماقنا.. ولذلك نتسمر واقفين أمام روادها لبرهة من الزمن نشعر فيها بالوحدة رغم زحمة المكان.. نصمت.. ونترك ملامحنا وملامحهم تتحدث رغم الصخب الذي يُحيط بنا وبهم. هي عندما ترسم لم تعد في المكان! وهو عندما يعزف على العود لم يعد هنا! وهذا عندما يشرع في إلقاء قصائده فقد فرقنا المكان! وذاك عندما ينكب على دفتره ليكتب لم يصبح معنا في المكان! بالفعل وبمجرد أن ينطلق رواد ورائدات الإبداع في رسوماتهم وعزفهم وكتاباتهم فهم حتماً قد غادروا الواقع الحي نحو عالم الخيال وسافروا عن عالم الوعي الى عوالم التجلي، ومضوا من اللحظة الحقيقية الى عوالم الإلهام التي تغيب عنهم فيها الأصوات لتغدوا ملامحهم مختلفة، وتبدوا عيونهم شاخصة يحدقون بها بعيداً نحو متعة الحياة. يدغدغك العازف بمعزوفة تدهش كل شيء فيك، وعندما تنظر اليه تراه يسكن في باحة التركيز ولا ينظر إليك، بل إنك سترى تعددية المشاعر تظهر تباعاً على وجهه، وعندما تتمعن أكثر في ملامحه ستجد ان هذا الذي كان في حالته الطبيعي...

ألف موعد!

صورة
بعضنا يمكنه الانشغال بأيّ شيء يبعده عن ذاته فيتابع الأخبار على مدار الساعة وكأنه سياسي محنك! وينشغل بجميع قضايا الخلق وكأنه وصيّ على البشرية! ويهتم بأخبار القريب والغريب القاصي والداني ويتحدث عن أخطاء الآخرين الى آخر تلك التصرفات التي تجعله أبعد ما يكون من نفسه. نحتاج أن نعرف بأننا بشر محدودين بحواسنا أياً كان عددها، ومرتبطين بوقت محدد بأربع وعشرين ساعة في اليوم والليلة، وهذا يعني بأن قُدراتنا محدودة ولسنا مسؤولين عن تغيير العالم، وبناء عليه فإن علينا النظر لما في أيدينا والعمل به وعليه.. وليس الانسحاب والركض خلف عوالم لا تُضيف لواقعنا أي مزيّة بل إنها تسحب طاقاتنا وتضيع أوقاتنا. فالانهماك في قضايا العالم التي لا نستطيع ان نُغير فيها شيء يستهلكنا، والحل عندنا بالعودة لذواتنا التي تحتاج منا الكثير من العمل والتطوير، فلو عاد كل منا الى صوابه وتأمل نفسه لوجد أن الأيام والليالي لا تكفيه في العمل على تطوير قدراته، وتحسين مهاراته، وانعاش علاقته، وترتيب أولوياته، وتحديد أهدافه، ورسم غاياته، وغيرها من المهام العاجلة وغير العاجلة التي يتطلبها واقعه إن أراد أن يصل الى حيث يجب أن يكون. وكلم...